المراكز البحثية ودورها في التنمية والإستقرار


كتبهافؤاد علي بكر علي ، في 18 أبريل 2011 الساعة: 09:10 ص


تعتبر الدول المتقدمة المراكز البحثية واحدة من المؤسسات الفعالة في صناعة القرار السياسي والإقتصادي والأمني وهي بذلك تقدم خدمة كبيرة للمجتمعات في رسم الخطط والتنبوء بالمستقبل وتفادي التوقعات من خلال أليات بحثية وإستراتيجيات للخبراء في كافة المجالات العلمية النظرية والبحتة وهذه الأهمية الكبرى لمراكز الدراسات والبحوث والمعلومات ودورها فى صنع السياسة العامة وعلى الأخص صنع قرار السياسة الخارجية اكتسبتها اهمية كبيرة وعلى مراحل متعددة وعلى الأخص فى الدول المتقدمة وجعلتها عنواناً للتقدم وأحد مؤشراته في التنمية والإقتصاد وفي رسم السياسات .
 فمثلا امريكا تعد المراكز البحثية فيها أو ما يطلق عليه Think-Tanks من أبرز سمات المجتمع المدني والسياسي الأمريكي لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على مراكز صنع القرار فى الولايات المتحدة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وهو ما يظهر - على سبيل المثال - بصورة واضحة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية فى العالم.
بداية، فإن دور تلك المراكز في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية يرجع إلي عاملين: الأول هو طابع اللامركزية في النظام السياسي الأمريكي الذي يتيح الفرصة و القنوات الشرعية للمشاركة في صنع و تطبيق السياسة الخارجية بطرق مباشرة و غير مباشرة، و وبما لا تصبح السياسة الخارجية حكرا علي مؤسسة دون الأخرى.
أما العامل الثاني: فهو انخراط الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في العلاقات الدولية منذ بداية القرن العشرين، وتطور هذا الدور عبر مراحل مختلفة، فقد صاحب هذا التطور منذ بداياته ظهور المراكز البحثية الأمريكية مثل مركز كارنيجي للسلام الدولي و مؤسسة هوفر للحرب و الثورة و السلام و مجلس العلاقات الدولية.
فلا تقدم  الولايات المتحدة على اي قرار مالم يعرض على تلك المراكز البحثية وتدرسها دراسه عميقة ومن ثم تعطي نتائجها للبيت الأبييض الذي يقرر إن كانت المهمة ستنفذ او لا بعد عرضها على الكونجرس.
بهذا المعنى نستطيع أن نقول أنه بقدر ما تعتمد الدول المتقدمة على مراكز الدراسات والبحوث والمعلومات فى إدارة الصراع ورسم السياسات الإقتصادية والإجتماعية والعلاقات الخارجية، بقدر ما تكتسب هذه الإدارة الجدية والجدارة، وبقدر اكتساب هذه الجدية والجدارة يكون الاعتماد على مراكز الدراسات والبحوث والمعلومات على المستويين الوطنى والقومى هو في صالح الساسة والدولة.
الأدوار أساسية التي تقوم بها المراكز البحثية  في العالم في رسم السياسات الخارجية هي:
 أولاً تعتبر هي مراكز صناعة الأفكار والأهداف والوسائل التى تخص السياسة الخارجية. فوظيفة المراكز البحثية إعداد السبل لتحقيق المصالح واختيار أفضل وسائل التطبيق. كما تقوم المراكز البحثية بكسر الحواجز بين العمل الأكاديمى النظرى وبين العمل السياسى التطبيقى لصناع القرار.
     ثانيا تقوم المراكز بإمداد الإدارة السياسية بالموظفين اللائقين علميا وعمليا لتطبيق السياسة الخارجية، ويعد هذا من التأثير المباشر لها، فأفرادها والعاملون بها يقومون بالعمل التطبيقى للسياسة الخارجية فى الإدارات السياسية.
      ثالثا تجرى المراكز البحثية حلقات نقاش عن المبادرات والسياسات المطروحة عن طريق عقد اجتماعات بين ممثلى الإدارة السياسية وأعضاء المراكز وأصحاب الشركات الكبرى وكبار الأكاديميين من أجل معرفة أثر السياسة الخارجية على مصالح الدولة ومدى فعاليتها، وفى حالة فعاليتها تقوم المراكز بحشد الدعم لتلك السياسة بين مختلف المؤسسات أو معارضة تلك السياسة فى حالة إضرارها بهذه المصالح.
      
رابعا للمراكز البحثية تأثير غير مباشر من خلال نشر الوعى الثقافى بين أفراد المجتمع بأهم القضايا الدولية. ويتم ذلك عن طريق كتابة مقالات ودراسات بالصحف الكبرى وإصدار الكتب والدوريات والظهور فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لخبراء المراكز.
      خامسا تتدخل المراكز البحثية تدخلاً مباشراً فى بعض القضايا الدولية كمؤسسة فاعلة تهدف إلى تحقيق بعض النتائج بالتنسيق مع الإدارة السياسية.
ومن أشهر المراكز البحثية في الولايات المتحدة الأمريكية :
  أولا - مؤسسة راند( راندوم): نشأت عام 1948م مهمتها تحليل السياسات الدفاعية والخارجية. وميزانيتها تزيد عن100 مليون دولار سنويا .
ثانيا :مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي : تأسس 1921م وهو أهم المراكز البحثية. يتولى رسم خريطة السياسة الخارجية. تشارك في رئاسته مادلين أولبرايت .
ثالثا. مؤسسة كارينجي للسلام العالمي: أسسها بارون الحديد أندروا كارينجي عام 1910م, وتضم دور نشر ومراكز أبحاث وهدفها التأثير على الشعوب لفرض قيم المجتمع الأمريكي .
رابعا : معهد المشروع الأمريكي لبحوث السياسات: تأسس عام 1943م ويعد أهم مراكز الفكر اليميني, والوكر الرئيسي لعتاة المحافظين الجدد.
خامسا : المركز الأمريكي لنشر الديمقراطية في العالم الثالث: وهو منظمة أهلية. وهو المركز الوحيد الذي يتلقى دعم غير محدود من الإدارة الأمريكية وتشرف عليه وزارة الخارجية وال CIA.
سادسا: اتحاد الكتاب الأمريكي: يرأسه سلمان رشدي المعروف بكتابه آيات شيطانية.
سابعا: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى( تينك تانك): أسسته منظمة إيباك( المعروفة باللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة والتي تأسست عام 1951م. وتدعي إيباك بأن دورها محصور بتقديم المعلومات لصناع القرار الأمريكي. وهي أقوى الجماعات الخمس الضاغطة في واشنطن واكبر مراكز النفوذ.
ثامنا :مركز مجلس المصلحة القومية: أسسه العضو السابق بمجلس النواب الأمريكي بول فندلي عام 1989م بهدف مجابهة إيباك وتغيير مسار السياسة الأمريكية.
 
تاسعا : معهد هوفر للحرب والسلام: تأسس عام 1919م.ومعهد البحوث الحكومية تأسس عام 1916م. ومعهد بروكينجز تأسس عام 1927م.ومعهد هدسون تأسس عام 1961م.ومعهد كارتر .ومعهد نيكسون للحرب والسلام في واشنطن .و معهد جيمس بيكر. وربما يشكل معهد تشيني.
وتنتشر هذه المراكز كالفطر وتتعامل مع القضايا ذات الطبيعة العسكرية والإستخباراتية لمساعدة الجيش الأمريكي في مواجهة التحديات كقضايا الإرهاب والأمن القومي والمصالح الاقتصادية والاجتماعية والنفطية, لضمان السيطرة الفكر والثقافة والفن الأميركي لتعميم المظهر الأمريكي. وهي تعتبر أن برامج الانتخابات يجب أن يتمحور حول من سيكون أكثر فعالية لهذه الإمبراطورية.وأن تحرير الأسواق هو الهدف وليس تحسين الظروف المعيشية للفرد, وان الحروب يجب أن تبتكر وتخترع من أجل ترويج الصناعة وتحقيق الأرباح الخيالية.
فالدول المتقدمة تشهد نهضة في كل المجالات الحياتية بسب إعتمادها على البحوث والدراسات على عكس كثير من الدول العالم الثالث منها الدول العربية التي تعتمد على المعلومات الإستخبارتية أكثر من إعتمادها على البحوث بينما لو كان القادة العرب إهتموا بالبحوث والدراسات الميدانية لم شهدوا تلك المظاهرات ولاإحتجاجات ولا تفادوها منذ القدم لكن بسبب قصر نظرهم وإعتمادهم المباشر على وزراة الداخلية والمباحث  العامة والإستخبارات فقدت هذه الزعمات السيطرة على الشارع وعلى الإستقرار والامن وربما أيضا ساهم الإعلام في إبراز المراكز البحثية وتبنيها له مثل قناة الجزيرة وقناة العربية مجموعة ال إم بي سي والتي سعت ولا تزال تسعى في تطوير ومساعدة المراكز البحثية لدعم المواد إعلامية  ويستفيد منها المشاهد كذلك هناك صحف ومجلات أيضا تشتري البحوث وتنشرها لكن غالبا ما يلاحظ ان اغلب البحوث مستوردة من الخارج على عكس بقية الدول مثل برطانيا التي تعتبر مراكز البحوث مصدر دخل لا يفرط فيه ومن هنا كان لابد على القادة العرب والرؤسا في العالم الثالث أن يكون لهم مراكز بحثية تهتم بجميع الأمور الداخلية والخارجية وتعمل على إطلاع الرئيس بكل التطورات من خلال الأبحاث والدراسات ومن ثم إعطاء نتائج لتلك المسائل ومن ثم مناقشتها على المستشارين والبرلمانيين وبهذا تكون القررات الرئاسية في محلها وتقل إحتمالات الخطاء لديها وسيكون لها تبعات تنموية وإقتصادية كبيرة تساعد على الإستقرار وتقوم عليها النهضة المنشودة وتحقق الإستقرار الأمني بكل اشكاله لأن القرار المتخذ كان قرارا صائبا.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا