القراءة ...والقارئ




الكثير من المربين والمعلمين والمشرفين يحثون طلابهم على القراءة وان القراءة هي سبب تقدم الامم وتطورها وبالقراءة استطاعت العديد من دول العالم ان تنشئ حضارة  لها وتنضم الى مصافي الدول المتقدمة وبل الكثير من الدول التي استطاعت مواكبة التطور والتكنولوجيا الحديثة  كان عبر تطوير منظومتها التعليمية ومنها الحث على القراءة وحتى اسلامنا الحنيف كان أول وحي من القرآن الكريم لمحمد عليه الصلاة والسلام كانت بإقرأ لدللة على أهميتها وعظمها عند الله جل وعلا.
فأهمية القراءة لم تقم على عبث أبدا وتعتبر القراءة من أهم المهارات المكتسبة التي تحقق النجاح والمتعة لكل فرد خلال حياته وذلك إنطلاقاً من أن القراءة هي الجزء المكمل لحياتنا الشخصية والعملية وهي مفتاح أبواب العلوم والمعارف ويحكى أن أول مكتبة وضعها الفراعنة تحت رعاية آلهتهم كتبوا على بابها: هنا غذاء النفوس وطب العقول.
إن للكلمات والنصوص المقروءة  قوة عظيمة الأثر على أرواحنا ونفوسنا لذلك كانت كلمات العلماء والأدباء والشعراء أقوى من أي قوة أخرى وهو ماأدى قديما دورا مهما كإعلام رسمي ووسيلة ترفهية  للشعوب  ولتحميس  الجنود ضد الأعداء واثارت  الحمية فيهم وحتى أن الملوك كانوا يستمتعون بهؤلاء الشعراء  ويستقون منها الحكم ومن خلال هؤلاء الشعراء كان الملوك ينشرون تاريخهم المجيد وإنجازاتهم  العظيمة عبرهم ومن خلال شعرهم وهنا تأتي اهمية القراءة  والكتابة والتي دونت تلك المأثر.
القراءة تؤثر في الدماغ البشري بآليات مختلفة ، حسب طريقة قراءة الكتاب وتشير نتائج التجارب الى أن كل نوع من الحبل العصبي يفيد الدماغ ويمرّنه على نحو مختلف وعند القراءة يتدفق الدم الى  اجزاء الدماغ المسؤولة عن القدرة والتركيز مما يؤدي الى الإستيعاب المعرفي.
تعريف القراءة :-
القراءة عملية معرفية تقوم على تفكيك رموز تسمى حروفا لتكوين معنى والوصول إلى مرحلة الفهم والإدراك, وهي جزء من اللغة واللغة هي وسيلة للتواصل أو الفهم.
وهناك تعريف اخر مختصر لتعريف السابق وهي عملية استيعاب لكل مايكتب وتراه عين الانسان.
أهداف القراءة :-
اي قارئ لديه هدف من قرائته وكل هدف له اسبابه المؤدية لذلك ومن هذه الاهداف مايلي :-
أهداف وظيفية: كمن يقرأ في صلب تخصصه وطبيعة عمله.
أهداف تطويرية: وهي قراءة ما يصقل الشخصية ويعزز المواهب.
أهداف ثقافية ومعرفية: مثل القراءة العامة للمعرفة والإطلاع وزيادة المخزون الثقافي.
أهداف ترويحية: إذ القراءة بحد ذاتها إيناس للنفس مثل  قراءت النوادر والملح والحكايات المستطرفة والأعاجيب.
أهداف تعليمية واجبارية :لتعلم القراءة والكتابة .

اهميتها:
لقد دخلت القراءة في أنشطة الحياة اليومية سواء بإرادتنا او رغما عنا فلا توجد معاملة في اي دائرة في محيطنا لا نستخدم فيها القراءة من معجون الاسنان والصحف مرورا بالمعاملات الحكومية او البنكية اوحتى التقارير الى كتلوج الاجهزة المعقدة والسيارات ، والقراءة هي السبيل الوحيد للإبداع وتكوين المبدعين والمخترعين والأدباء والمفكرين، وحتى إن لم تكن منهم فكونك قارئ فأنت واعي وحر ومستقل لأن القراءة تؤدي الى المعرفة والمعرفة عمود التنمية وهي تقاوم الجهل والخرافة والتخلف وتسلط الاخرين وتعرفك على حقوقك ومالك وما هو عليك.
لم يعد الشباب اليوم واغلب المثقفين  يقرؤن الكتب ، الا نادراً ،  ويعتقد البعض ان عزوف الناس عن القراءة الكتب ، يرجع الى عدة أسباب ، لعل في مقدمتها ، ظهورالإنترنت ، ووسائل الإعلام المتعددة وخصوصا المرئية ، وضيق الوقت،  ومشاغل الحياة اليومية ، وارتفاع أسعار الكتب , ولكن هذه الأسباب لن تقف حائلاً أمام من يحرص على القراءة ويزيد من ثقافته ومعرفته وخصوصا ان الانترنت وفر الكثير من الكتب الالكترونية والمدونات والصحف والتي بدورها تقوم مقام الكتب العادية او الصحف التقليدية.
انواع القراء:-
القراء يختلفون بإختلاف ميولهم منهم الذي يتطلع إلى المعرفة أو الاستفادة أو المتعة ومنهم من  تكون قرائته بسبب متطالبات مهنته او عمله او تخصصه والذي يفرق بينهم هو الفهم لماهو مكتوب و يظل هذا الفهم هدفاً ينشده القارئ عموماً مهما كانت قراءته؛ سواء قريبة عن مقصد النص وصاحبه او بعيدة عنه  ومفهوم المعنى المقصود وكانت هناك محاولات في فلسفة المعنى مفادها أن القراءة يجب أن تكون مؤدية إلى منتج ذهني و منتج متمثل برد الفعل تجاه النص المكتوب، وإلاّ فالقراءة تصبح مجرد محاولة عقيمة لا يمكن تأطيروها بمصطلح القراءة ولأن القراءة الاستنطاقية بمستوييها البنيوي والتفكيكي تعمل على تحري شبكة العلاقات والرموز والبنى على أساس مكونات داخلية للنص تثير استفزازًا في ذهنية القارئ والمطلع، ومن دون القراءة التأويلية لا يمكن ان يحدث  رد الفعل الذهني وحدوث رد الفعل الذهني يقوم بإعادة صياغة وتشكيل تلك الردود إلى وحدة معرفية مستقلة تعطي انطباعًا عن هوية النص المكتوب من حيث النوايا والأهداف.
القراءة نعمة و فائدتها عظيمة ،و يرقي بها الإنسان من فكره و يهذب من ذوقه ، و يرفع من قدره و لكن السؤال المهم هنا هو ، هل كل قراءة تعتبر مفيدة ؟ و لماذا تزيد القراءة البعض منا ظلامية و تحجرا ؟ كان هذا سؤال زميلي وصديقي الكاتب الياس محمود محمد من جيبوتي وهو سؤال منطقي وخصوصا ان اكثر المجادلين والنقاد والخصوم هم من المهتمين بالقراءة وهنا يمكن تقسيم القراء الى قسمين وهما
1-   القارئ صاحب العقلية الزمانية او الوعائية او المغالية او قصيرة الفهم.
2-   القارئ صاحب العقلية الواقعية او الالهامية او النقادة او البناءة او الايجابية.
وهناك مجموعة من النظريات والدراسات حول هذا الموضوع منها المدرسة السيكولوجية  الروسية والمدرسة الاوربية الامريكية وكانت دراستهم على اساس سيكولوجي  وهناك المدرسة الفلسفية والمدرسة التقنية اللغوية والأدبية ...الخ بينما تقسيمي يقوم على اساس اجتماعي استنباطي بحت  ولنتطرق لتعريف القراء
القارئ صاحب العقلية الزمانية او الوعائية او المغالية هي العقلية التي تتطلع على نتاج فكري في زمن من الازمنة السالفة او القديمة او الحاضرة او الخيالية ويعيش واقعه بناء على فكر وافكار وعادات ذاك الزمن  او الخيال او الحاضر من دون مناقشة سواء كان الفكر صحيحا او خطاء  او مخالفا للواقع او الحال والتعصب لفكرة دون استيعابها وفهمها وأن القارئ في هذه الحالة يكون مستنسخاً للمقروء دون ان يضيف او ينقص شيئاً مما تقتضيه القراءة والفهم. ويكثر هذا النوع من القرّاء في التيارات التقليدية والمثال على ذلك من يتبعون الفتاوى والاراء الشاذة العقدية ومنها الفرق الضالة والخوارج ...الخ وهناك ايضا اصحاب الخيال والوهم مثل المولعون بالابطال الخارقين او بالأشباح وغيرها  ويوجد في أمريكا نادي للكبار يجمع الذين يحبون القصص الخيالية الكارتونية مثل مكي ماوس او قصص مارفيل لابطال الخارقين مثل سوبرمان او اسبيدرمان وهي قصص خيالية بعيدة كل البعد عن الواقع وهذه النوعية من القراء هم ما بين مرضى او مهوسين او انهم مولعون بشخصية معينة كنجوم الفن او الأدب او السياسة او من باب الولاء والتبعية سواء الدينية او الفكرية او الفلسفية او الايدلوجية ومنهم ايضا العقلية النقالة وهي العقلية التي لديها القدرة على الحفظ والنقل للغير في اي زمان وفي اي مكان دون اعطاء النص معنى او مفهوما يعبر عن تلك النصوص .
ام العقلية الواقعية فهي العقلية التي تتطلع على نتاج فكري في زمن من الازمنة السالفة او القديمة او الحاضرة او الخيالية ويستنبط منها الأفكار ويتنور بها في حياته ويناقشها ان كانت صحيحة او مسايرة للواقع ويستشرف بها الأحداث ويطور منها أفكار جديدة تتماشى مع واقعه وحياته وينتج منها اختراعات وافكار مفيدة  وأكثر هؤلاء هم المفكرون والكتاب والاُدباء والمخترعون والمبرمجون والاعلاميين  ودعاة الإصلاح ورجال الاعمال الرياديين
وهناك من القراء من له العقلية الاستنباطية والعقلية النقدية وكلهم يندرجون تحت العقلية الواقعية هذه تعريفات توضيحية هي مختصرة واستنتجتها من خلال قرائتي لعدد من الكتب  وتعاملي مع عدد من القراء وهناك مدارس حول القراءة  ومفهوم النصوص كما ذكرت سابقا هناك المدرسة النفسية وهناك المدرسة اللغوية وهناك المدرسة الادبية والفلسفية .
القراءة في العموم هي عملية بنائية بمعنى انه لا يوجد نص يفسر نفسه تفسيرا تاما فعند تفسير النص يعتمد القارئ على مخزون المعرفة الذي تشكل عبر مجموعة من القراءات وعن موضوع النص وذلك من خلال استخدام القارئ معرفته السابقة لتفسير النص ويعتبر النص هو مدار الجدال في المدرسة الادبية والفلسفية فمنهم من يرى ان لنص معنى ومفهوم  وانه لا جدال مع النص ومنهم من يرى ان النص لايحوي معنى حقيقي او معنى نهائي  وان النص لا ينطوي على حقيقة محددة في النهاية وهي مسار جدال لا يعنينا اكثر من ان مهمت القراءة هي الوصول الى المعرفة سواء بالنص او بالمعنى.
يقول الجاحظ  في بيان مدى تأثير القراءة في شخصية القاريء وتحسين لغته : (والكتاب هو الذي ان نظرت فيه اطال امتاعك ،  وشحذ طباعك ، وبسط لسانك ، وجوّد بيانك ، وفخّم الفاظك …  ان الناس يتحدثون بأحسن ما يحفظون ، ويحفظون احسن ما يكتبون ، ويكتبون أحسن ما يسمعون...).

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا