البطة السوداء

في المثل الشعبي يقال: "ابن البطة السوداء" للشخص الذي يشعر بالإقصاء أو التهميش أو العنصرية في التعامل، والمثل لا يقال للتمييز العنصري وإنما يقال من الشخص الذي وقع عليه التمييز، وكأنها رسالة تظلم أو تنبيه للشعور بحالة التمييز و الإقصاء أو التهميش، وهو مثل دارج في الشرق الأوسط وله نظير في الغرب والمغزى بأن أبناء البطة البيضاء مدللين ولهم من المكانة والاهتمام أكثر من أبناء البطة السوداء، وقد يكون المثل له علاقة بالتفرقة العنصرية بين البيض والسود، والسؤال لماذا هنالك تمييز أصلاً؟
التمييز العنصري ليس بين البيض والسود أو بين الغرب والشرق ولا بين الفرس والروم أو الرجل والمرأة، إنه عمق يلتقي بماهية الإنسان وطبيعة خلقه وكأنها سنة للاختبار والابتلاء، ففي الآية الكريمة "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" الحجرات 13 القرآن الكريم، فالله العليم بمجريات الأحداث والخبير ببواطن الأمور يميز بين الذكر والانثى وجميع الشعوب والقبائل ليس باختلاف الجنس أو الجنسية وإنما بالتقوى وهذا معيار رب الخلق أجمعين، بينما تختلف المعايير ويختلف القياس بين البشر أنفسهم لنستنتج أن التمييز حاصل بين الناس على كل حال.
يعاني أبناء البطة السوداء شعورهم بالظلم والتمييز وأنهم ليسوا كأبناء البطة البيضاء، فالدلال والمزايا والقيم المضافة التي يتلقاها أبناء البطة البيضاء لا يتلقونها أبناء البطة السوداء، وهذا التمييز واقع بين مختلف الجنسيات والشعوب وطبقاته، ففي تقييم معيار الأمراء في الدول الملكية مثلا والعاملة بنظام العائلة المالكة نجد أن الأمراء يحصلون على مزايا لا يحصل عليها أبناء الشعب، وكل فرد من المجتمع يمكن أن يرى نفسه ابن البطة السوداء إذا قارن نفسه بالأمراء ويقيس المزايا الإضافية التي يحصل عليها أبناء العائلة الحاكمة أو على وصفنا أبناء البطة البيضاء.
في الدول العربية يميز بين أبناء الوطن الواحد ببعض المزايا في حصول أبناء القبيلة مثلا على مزايا لا يحصل عليها أبناء الشعب الذي لا ينتمون إلى قبيلة من قبائل القائمة الذهبية، سيشعر كل فرد في المجتمع بالتمييز وأنه ابن البطة السوداء، وهذا أيضا يقع في بعض المجتمعات في الغرب، مع أن القوانين تحكم التعاملات في الغرب إلا أن شبكات العلاقات بين أفراد المجتمع ستجعل هنالك تمييزا بين الفئة والأخرى، وهنا يبدأ أبناء البطة السوداء بالتظلم وشعورهم بأنهم لا يحصلون على جميع المزايا التي يحصل عليها أبناء البطة البيضاء.
حين يعلق معلم في الدرس بأنه لا يحب من لديهم زيادة في الوزن أو أي نوع من التمييز سيخلق هذا السلوك أبناء بطة سوداء جدد يشعرون بالتمييز حتى وإن لم يكن حاصلا وواقعا لأنهم شعروا بأن هنالك تفضيل للبعض على الآخرين بناءا على معايير خاصة بالمعلم، وتجد هذا الشعور يتولد لدى فرق العمل في المكتب ولدى الطلاب في الجامعات وعند الموظفين في المتجر وفي كل مكان وزمان لأن فكرة التمييز انطلقت من القائد أو المسؤول أو الكبير أو المعلم أو المدير وتبدأ بعدها المشاعر تؤثر على السلوك وهذا ما سينعكس على نتائج المعاملات اليومية وربما الإنتاجية كلها وربما المجتمع برمته.
في البيت الواحد ستجد هذه الظاهرة أيضا، فقد يشعرن البنات بأنهن أقل حظوة من المساندة مقارنة بالذكور في الأسرة الواحدة، بالذات حين تكون العقلية شرقية وتنادي بأن للذكر مثل حظ الأنثيين، ويشاع تفسير هذا القانون حتى في نصيب الرعاية والعطايا والتقدير والاحترام والحب، ستكون كل أنثى في هذه الأسرة لديها شعور بنت البطة السوداء، وأن أبناء البطة البيضاء محظوظين في حصولهم على كل ما يتمنون في حياتهم فقط لأنهم ذكور وفقط لأنهم في مجتمع أعطى الحق للذكر أن يتمييز بضعف مزايا الأنثى حتى في رفع الصوت والتصويت والقيادة والإدارة، فعلى أبناء البطة السوداء كل المهام المضاعفة بدون مقياس دقيق وحق عادل فقط لأنهن بنات البطة السوداء.
لا تتعجب فاليهود الذين يعتقدون أنهم أفضل الخلائق وأنهم متميزون عن باقي البشر، تجد لدى اليهود الشرقيين شعور أبناء البطة السوداء مقارنة باليهود الغربيين، وهذا الشعور لم يتولد من فراغ إنما جاء من التمييز في اختيار البعض دون الآخرين لأنهم ينتمون إلى ذلك الجذر أو غيره، وهذا يؤكد ظاهرة البطة السوداء التي ترمي بظلالها في كل مكان وكل مجتمع وكل بيت حتى تجدها في تلقي الخدمة من بائع القهوة، فبائع القهوة لديه تمييزا بين فئة عمرية دون الآخرى أو جنس دون الآخر ليلعب بدوره لعبة البطة السوداء.
إن شاهدت ظاهرة البطة السوداء في حياتك أو كنت شخصيا ابن البطة السوداء فأنت مدعوا لمقاومة هذه الظاهرة وفهم عمقها والتعامل معها بفعالية من خلال إدارك الذات وتعميق فهم النفسيات، فحين يبادر الشخص العنصري لولادة ظاهرة البطة السوداء، فعليك مقاومة هذه الظاهرة بإدراك أن ما يقوم به هو مسؤوليته وما تقوم به من ردة فعل مسؤوليتك أنت، فإن قبلت أن تكون ابن البطة السوداء، لن تستطيع الخروج من وقع تأثيرات معنوية أكثر منها مادية تسبب لك الكثير من المشكلات في الحياة لأنك آمنت بأنك ابن البطة السوداء، بمعنى آخر عليك الحرص دائما على أن تكون ابن البطة البيضاء المدللة، وإن وقع عليك تعدي أو ظلم لتكون مع أبناء البطة السوداء، اهرب من هذه الدائرة لأن البقاء فيها ولو لوقت قصير سيفقدك الكثير من قدراتك ومهاراتك للمقاومة والتحليق في فضاء الكون الواسع.
يفضل أبناء البطة السوداء تكرار التظلم، واجترار حكايات الماضي والاستشهاد بالأحداث ومحاولة تفسير كل حدث جديد على أنه تأكيد لظلمهم بينما بأيديهم الخروج من دائرة التظلم والعمل على بناء كيان خاص بهم ليكونوا في ذلك الكيان أبناء البطة البيضاء، حين يرفض المتضررين من الحروب البقاء تحت وطأة الحرب ويهاجرون إلى دول مجاورة أو دول بعيدة فهم يرفضون البقاء مع زمرة أبناء البطة السوداء، ويهربون للبحث عن بدائل أخرى قد يكون من ضمنها فرصة للانضمام إلى زمرة أبناء البطة البيضاء المدللين والذين يحصلون على مزايا إضافية، أما من يبقون في المخيمات على ضفاف الدولة يحكمون على أنفسهم وأبنائهم والأجيال القادمة أن يمثلون فئة أبناء البطة السوداء، وسيخرج من بين هؤلاء شرذمة قليلون يلعبون دورا بطولياً ظاهرياً وكأنهم يدافعون عن حقوق أبناء البطة السوداء، بينما تجدهم يتعايشون مع أبناء البطة البيضاء ويعيشون بينهم ويحصلون على مزايا إضافية لا يحصل عليها أبناء البطة السوداء، وسيحرص هؤلاء القلة على بقاء ظاهرة أبناء البطة السوداء، مع أنهم يدافعون عنهم، ولكن انتهاء أبناء البطة السوداء سينهي بالطبع تمثيلهم لهم.
الظلم واقع والتعدي حقيقة ولا يمكن إنكار أن هنالك ما يجعلك تقع ولو بالخطأ في دائرة أبناء البطة السوداء، وما عليك هو البحث عن مخرج بأي طريقة أو السعي والعمل أو التعلم والمحاولة المهم أن لا تستسلم للبقاء ضمن أو مع أبناء البطة السوداء، وهذا يعني أن تكتفي بتكرار حكايات الماضي والظلم والتظلم واجترار علقم الأذى الذي تتجرعه يومياً كونك ابن البطة السوداء، فأبناء القبيلة حين يمارسون صلاحياتهم في التطاول والتعدي والتكبر على أبناء الحضر، هم يمارسون دوراً منحهم إيَّاه بالأصل أبناء الحضر الذين لم يهاجروا ولم يخرجوا ولم يسعوا ليكونون من أبناء البطة البيضاء المدليين.
الأمثلة كثيرة على ظاهرة أبناء البطة السوداء، والفكرة تدور حول ثلاثة مفاهيم أساسية وهي:
أولا: كل إنسان معرض لمواجهة ظاهرة البطة السوداء ولو لمرة واحدة في حياته على الأقل، ربما يكون هذا التعرض واقعي بحيث يكون تعرض لتمييز عنصري أو تهميش أو إقصاء، أو قد يكون شعور معنوي بمعنى أنه يفترض أنه تعرض لظاهرة البطة السوداء وهو لم يتعرض لها.
ثانيا: ظاهرة البطة السوداء تفصل بين أبناء البطة السوداء الواقع عليهم الظلم والتمييز أو الذين يشعرون بذلك الظلم والتعدي حتى لو لم يكن واقع، وبين أبناء البطة البيضاء المدللين والذين يحصلون على امتيازات إضافية وربما تكون مضاعفة، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون هنالك أبناء بطة سوداء بدون أبناء البطة البيضاء.
ثالثا: مشكلة أبناء البطة السوداء الحقيقية ليست في تعدي أبناء البطة البيضاء على حقوقهم وإنما في كونهم سمحوا لتفشي الظاهرة وقبلوا أن يكونوا أبناء البطة السوداء، بينما كان الأولى بهم أن يسعوا لأن يكونوا أبناء البطة البيضاء. وهذا يبين الحل أيضا، بأن أبناء البطة السوداء عليهم الخروج من زمرة التظلم والشعور السلبي إلى زمرة الفاعلية والمبادرة والمحاولة والتفكير الإيجابي ليتحولوا من أبناء بطة سوداء إلى أبناء بطة بيضاء، وهذا سيجعلهم يحصلون على مزايا أكثر وسيكونون مدللين أيضا.
غالبا أبناء البطة السوداء يفضلون البكاء والتظلم والشعور بالتمييز الواقع عليهم أكثر من التفكيرالإيجابي، فتكرار الماضي واجترار الأحداث السلبية أيسر عليهم من البحث عن إيجابيات في الحدث السلبي أو المبادرة للخروج من دائرة البطة السوداء، لذلك معظم أبناء البطة السوداء يعيشون في واقع مرير ويمنحون أبناء البطة البيضاء فرصا ليمارسوا عليهم السلطة والتميز وأكثر من ذلك قد يصل إلى التكبر والتسلط أيضا.
الجميع يتمنى أن ينتمي إلى فئة أبناء البطة البيضاء وأن يكون مدللا وصاحب إمتيازات وله مكانة أفضل، ولكن الواقع يؤكد أن هذه الأماني لا تتجاوز حد التمني فأبناء البطة السوداء يحلمون كأبناء البطة البيضاء، ولكنهم أقل مبادرة ومحاولة ومجازفة وجهد وبحث، وهنالك أسباب تقف خلف هذا السلوك النمطي السلبي لأبناء البطة السوداء.
أبناء البطة البيضاء ليس كلهم مبادرون، فيكفي أن يكون شخصا واحدا في الأسرة مبادر لينقل الأسرة كاملة إلى حيز أبناء البطة البيضاء، وهذا يعني أن أبناء البطة السوداء سيقابلون بعض الكسلى أو الجاهلين أو المتكبرين من أبناء البطة البيضاء، ويحبط ابن البطة السوداء لأنه يتوقع أو يتوهم أن الجهل أفضل لأنه يوصل صاحبه إلى بر الأمان ودائرة التميز، وهذا خطأ لأن قوانين الطبيعة لا تتغير ولايمكن أن يكون الجهل طريق للنجاح، والسر خلف وصول الجاهل إلى التميز هو أن هنالك شخص من قبيلته أو عائلته أو جيرانه أو دولته كان مبادرا طموحا ساعيا مجتهدا وانتقل إلى مجموعة البط الأبيض وبالتالي أثر انتقاله على انتقال مجموعة كبيرة من أصحابه.
القدرة على التطور والنمو والتوسع وتحقيق النجاح التي يتمتع بها ابن البطة البيضاء أسرع بكثير من تلك القدرة التي يمتلكها ابن البطة السوداء، وهذا طبيعي كونك من أبناء البط الأبيض فأنت قادر على الحصول على المال والخبرة والاستشارة والتسهيلات والتعاون أكثر من ابن البطة السوداء، وطبيعي أيضا أن يحبط أبناء البطة السوداء كونهم يحتاجون وقتا أطول لتحقيق النجاح ويشقون طريقا أصعب، مما يجعلهم يختارون الخيار السلبي وعدم المبادرة غالبا.
اختلال القيم في المجتمع بسبب أن السلطة والمال غالبا سيكون بيد ابن البطة البيضاء، وبالتالي سيتعدى بشكل أو بآخر على ابن البطة السوداء، الذي لا يمتلك المال ولا يمتلك السلطة غالبا، وهنا سيكون طريق ابن البطة السوداء للخروج من دائرة التهميش والاقصاء والابعاد صعب جدا وستتولد هنالك منافسة لا داعي لها بين ابن البطة السوداء وابن البطة البيضاء وربما هذه المنافسة تتحول إلى كره وأحقاد، بسبب أن ابن البطة السوداء غالبا سيعمل لدى ابن البطة البيضاء وسيكون مقيدا بقوانين وضعها ويطبقها ابن البطة البيضاء، ويصبح هنالك خلط بين المبادئ والقيم بالاضافة إلى التعديات التي تقع بأي حال فقط لأن ميزان العدل اختل وهنا سيكون على ابن البطة السوداء أن ينتظر الملخص بدلا من المبادرة والمقاومة، ولا يلام ابن البطة السوداء في هذه الحالة لأن الأشياء تسمى بغير أسمائها وهذا يسبب الاحباط أيضا.
الغرور والتكبر سيرافقان ابن البطة البيضاء حتى وإن كان شريف مكة، فجلوسه في قمة الهرم سيباعد بينه وبين ابن البطة السوداء، وسيجعل الثاني يرى الأول بعين المتكبر والمغرور حتى لو لم يكن كذلك، فإن كان كذلك فمن باب أولى وهنا يبدأ ابن البطة السوداء يواسي نفسه بأن طيبته وكرم أخلاقه وتواضعه أفضل ألف مرة من كل تلك المظاهر المخادعة والكذابة التي تورد صاحبها الهلاك، يعني ابن البطة البيضاء، وسيبحث ابن البطة السوداء على سلبيات العيش في زمرة البط الأبيض وسيجد الكثير من السلبيات، وسيجد هذا الحديث أيسر له ولجلسائه أبناء البطة السوداء من الحديث عن المبادرات التي من شأنها تخليصهم من ضعفهم وتخلفهم.
أسباب الاحباط الكثيرة جدا والمتوفرة في بيئة يكثر فيها الخلل المجتمعي ويظهر فيها سلوكيات للظلم والتعدي، ستجعل محاولات ابن البطة السوداء صعبة ومبادراته فاشلة في معظمها، وحديث القرناء عن المستحيل يزيد الطين بلة، وبالتالي سكون صعب جدا رؤية بصيص الأمل من ثقب صغير في محيط أسود يفرش الأرض ويغطي السماء لابن البطة السوداء، ولكن كل ذلك لا يعني أن الأمر مستحيل، فخلاصة الأمر في طريقين، إما أن يختار ابن البطة السوداء أن يعيش ويموت ابن بطة سوداء مع كل ما يقع عليه من الظلم والتمييز والتعدي والتجاوز، سواء كان ذلك حقيقة أم خيال، أو أن يختار ابن البطة السوداء أن يعيش محاولا الانتقال والتحول والتغير ليصبح ابن بطة بيضاء فيحظى بالمزايا والامتيازات الاضافية والمضاعفة أحيانا، ومهما كان طريق الوصول محفوفا بالمخاطر ومعبدا بالأشواك فالأمر يستحق أن يبادر كل ابن بطة سوداء ليصبح ابن بطة بيضاء.
لو حصل وكنت ابن البطة السوداء، وسعيت وتغيرت وأصبحت ابن البطة البيضاء، تذكر أن أبناء البط الأسود بحاجة للمساعدة والمساندة، وعليك أن تبادر حقيقة في تغيير واقع آلاف القابعين في ظلمات ابن البطة السوداء إلى واقع أفضل من خلال تعليمهم كيف يخروجون من دائرة البطة السوداء ولا تكتفي بالتبرع والصدقة وعمل الخير لهم فهم بحاجة للتعليم والفهم والمعرفة والحكمة والتدريب أكثر بكثير من حاجتهم لامتيازات مؤقته، هم بحاجة للخروج من ظاهرة البطة السوداء ليكونوا قادرين على مواجهة أي ظرف طارئ يجعلهم أبناء بطة سوداء من جديد.
لا جدوى من المقارنة بين أبناء البطة البيضاء وابن البطة السوداء، أيهما أفضل؟ من السبب في ظهور الظاهرة أولاً؟ كيف يمكن عدم حدوث ذلك من جديد؟ هل سلبية ابن البطة السوداء أكبر أم أنانية أبناء البطة البيضاء؟ لو تخصلنا من جميع أبناء البطة البيضاء هل سيكون المجتمع أفضل لحياة ابن البطة السوداء؟. جميع تلك التساؤولات والمقارنات لا جدوى منها لأن تحويل العالم كله إلى طيبين وأثرياء والتخلص من الأشرار، لن ينتهي الأمر فبعد حين سيظهر أبناء البطة البيضاء وسيعيش ابن البطة السوداء في تظلمه وشعوره أو حقيقة ظلمه وإقصاؤه. ولا جدوى أيضا من طرح سؤال جديد من السبب في عودة ابن البطة البيضاء من جديد؟ فحقيقة الحياة أنها تستمر وفيها الطيب والشرير وفيها الخير والشر، ولا يمكن أن نفترض أن كل ابن بطة سوداء طيب أو كل ابن بطة بيضاء شرير، فظاهرة البطة السوداء تركز على حالة التمييز والشعور بذلك التمييز بسبب معنوي أو مادي، أما أيهما أحسن فنعود للآية الكريمة  "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" الحجرات 13 القرآن الكريم، ونؤكد على أن هذا معيار رب العالمين أم معيار البشر فسيكون مختلف وسيختلف باختلاف المكان والزمان.
أنا شخصيا أفضل أن أعيش مع أبناء البطة البيضاء ولا أنكر أنني مررت بظاهرة البطة السوداء، وكنت في مراحل من حياتي ابن البطة السوداء، ولكنني مؤمن بأن طريق الهروب من منطقة البطة السوداء وإن كان صعب، فهو طريق محفز لأن نهاية خروج من الهم والحزن والألم إلى واقع الأمل والخير والفرح وهذا ما يجعل كل صعوبة تواجه ابن البطة السوداء في طريق الهرب مقبولة، لأن النتيجة أفضل وأجمل وأحلى، حتى أن صعوبات التغيير والتحول من ابن البطة السوداء لابن البطة البيضاء مبررة بينما تجرع علقم العيش في شخصية ابن البطة السوداء، غير مبرر على أي حال.

أشرف غريب
فبراير02، 2018
لندن أونتاريو كندا

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا