نمو الدول الغنية هو على حساب الدول الفقير


عدد الدول الفقيرة في العالم اليوم يفوق عدد الدول الغنية وغالبا الدول الغنية هي من تملك مفاتيح الانتاج والتقنية الحديثة  والبترول بينما الدول الفقيرة تعيش على القروض والمساعدات بالاضافة الى انها دول مستهلكة ومصدر هام للمواد الخام للدول الغنية .

20 بالمائة من دول العالم تتحكم بـ  80 بالمائة من ثروات العالم اليوم وامريكا وحدها تتستهلك 25بـالمئة من الطاقة العالمية ,وهذا يعتبر ضربة قاضية على النظرية الاقتصادية الحرة والتي تهدف في اساسها تحقيق التوزيع العادل للثروات لكنها عملت على زيادة ثروة الاثرياء وازدياد اعداد الفقراء في العالم واليوم الوقائع تدل على ذلك علما انه تم التخطيط لذلك ,فامريكا نفسها تعاني من ازمة ازدياد اعداد الفقراء وزيادة في ثروة الاغنياء بشكل مطرد والازمة المالية العالمية ماهي الا واحدة من فساد الانظمة الاقتصادية التي ترعي الاغنياء اكثر من مراعتها للفقرا ء مما ادى الى تفاقم نسب البطالة وهي في ازدياد مستمر حتى الدول الصناعية مثل ايطاليا واسبانيا وصلت نسب البطالة فيها الى 40 بالمائة.
الازمة المالية العالمية جعلت اوربا تعيش كابوس الفقر والعجز امام هذه المعضلة ففي السبعينات كانت الطفرة الاقتصادية وصلت ذروتها وخصوصا ان اغلب الدول النامية قد بدأت في نيل استقلالها وهذا ادى الى تهريب العديد من ثروات هذه البلدان الى اوربا وامريكا وساعدات الدكتاتورية في بلدان النامية في الثمانينات في زيادة ثروة الغرب وخصوصا ان الفساد في العالم الثالث وخصوصا في افريقيا وامريكا اللاتنية ادى الى هروب المليارات من دولارات الى تلك البلدان الغنية واروبا تستثمرها في مشاريع عديدة تساهم في نموها الاقتصادي ولكن الان الامور هي عكس ذلك تماما.
في حقبة التسعينات عندما بدأ ظهور التنين الاحمر او الصين الشعبية التي استطاعت تغير موازيين القوة الاقتصادية العالمية بتملكها التقنية والخبرة والصناعة استطاعة الصين غزو الاسواق العالمية وخصوصا الدول الفقيرة فكانت تقدم سلع كانت تعتبر حكرا على الاغنياء الى الفقراء باسعار زهيدة من ساعات وملابس واكسسوارات وادوات منزلية حتى في البناء استطاعت الصين تقديم عروض مغرية جعلتها تستحوذ على اغلب عقود البناء في العالم الثالث فقد كانت اوربا وامريكا تبيني الطريق بعشرات الملايين من الدولارات وكانت الصين تبنيها بنصف هذا المبلغ مما ساعد العديد من الدول النامية في استثمر تلك الاموال في بناء اقتصادها ابرز هذه الدول هي الدول الافريقية الصاعدة .

النموذج الصين يعتبر نموذج رائع في الاقتصاد والتنمية وكذلك الهند التي استطاعت ان تضع لنفسها قدم صدق في الاستثمار والتنمية في العالم الثالث ثم جاء الدور التركي والبرازيلي والروسي وهذا ما اخل بالتوازن العالمي  النقدي والاقتصادي فبعدما كانت الدول الاوربية محتكرة للتكنولوجيا والتقنية والتصدير اصبحت دول كثيرة تنافسها حتى امريكا نفسها تحاول اعاقة الصين من خلال تغير قيمة عملتها (اليوان) للاعادة التوازن لكن الصين رفضت وهذا ما ادى الى الازمة الاقتصادية العالمية لان اغلب الثروات بدأت تتزوع في العالم بشكل متوازن نوعا ما  وصارت العديد من الدول النامية دول منتجة بالاضافة الى ان مجموعة الاوبك رفعت اسعار الطاقة والتي وصلت الى 100دولار للبرميل وهذا يعني ان ثروات العالم التي لا تستغني عن الطاقة تذهب مدخراتها الى دول النفطية التي اصبحت تعيش طفرة اقتصادية رهيبة جعلتها لا تتأثر بالازمة المالية العالمية وصارت تلك الدول التي كانت تضع جل مدخراتها في امريكا واروبا ان تستثمرها بنفسها وتجعلها تعمل من اجل تنمية اقتصادها وهذه عوامل كلها جعلت اوربا تفقد اهم مواردها الاقتصادية .
اوربا وامريكا تعمل على اعادة تلك الموارد مرة اخرى ولو بطريقة اشاعة الفوضى العالمية والحروب والفساد وهي اهم العوامل التي تساعدهم في تحقيق اهدافهم الاقتصادية والعراق خير شاهد على ذلك فشهريا يتم تهريب اكثر من 20مليار دولار الى الخارج والفوضي فيها لا تساعد في تحقيق مكافحة الفساد فيها والفوضى التي يعشها العالم العربي هي واحدة من تلك المخططات فليبيا تم تقسيم مواردها على الدول التي قامت باسقاط القذافي وسوريا تعيش دمارا كبيرا وبنيتها التحتية اصيبت بدمار شامل وهذا يعني فرصة سانحة اذا عاد الاستقرار فيها للشركات العالمية للاستحواذ على مشروعات اعادة البناء ومثلها الكثير منها اليمن ومالي والدول الافريقية ومصر التي يتربص بها العالم ويسيل لعابهم عليها لكن حتى الان لم تصل الامور الى مرحلة الدمار التي يترقبها العالم .

الدول الغنية تستفيد كثيرا عندما تكون الدول الفقيرة دول مستهلكة لان السيولة في هذه الدول تذهب الى جيوب الدول الغنية المنتجة  وعلما ان الفساد في الدول الفقيرة يساعد في تنمية اقتصاديات هذه الدول التي تنتج منتجات يستفيد منها المفسدون في العالم الثالث وغالبا تستهلك في الخمور والكحول والسيارات الفارهة والملابس والمقتنيات الثمينة والماكولات والمشروبات الاجنبية طلبا للتتميز وغيرها وحتى اليابان وكوريا الجنوبية من الدول المنتجة والنشطة في دول العالم الثالث وتستفيد من هذا الفساد بالاضافة انها عبارة عن اراضي خاصبة للشركات العالمية او العابرة للقارات والتي تفوق ميزانيتها ميزانية اكثر من 20 دول نامية وهي تعمل في اكثر دول العالم وخصوصا ان السلاح والتكنولوجياوالسيارات والكحول والمقتنيات الثمينة وصناعة الترفيه هي اهم منتجاتها فلذا كلما زاد نسبة الفساد في العالم الثالث كلما زادت ثروة هذه الشركات كمان ان هذه الدول تزداد فقرا لان الثروة الوطينية لاتخدم سوى نزوات الفاسدين.

السياسة والاقتصاد مترابطين بشكل وثيق جدا فلذا الدول الغنية تستمع بالازمات في العالم الثالث لانها تعتبرها فرص يجب اقتناصها والحروب هي بوابتها وكما هو معروف فان اباطرة البترول العالمي هم من رتب وخطط للحرب الخليج الاولى والثانية فبوش الاب وبوش الابن هم يملكون شركات النفط العالمية وهدفهم هو السيطرة على النفط وموارده حتى لاتتكرر فعلت الملك السعودي الشهيد فيصل بن عبد العزيز الذي قطع البترول عن العالم الغربي وعاشت اوربا وامريكا في ظلام ومن ذلك الوقت والى الان هي تحاول ان تعمل نطاق للسيطرة على موارد النفط العالمية .
ان الفساد في عالمنا لايمكن ان يخدم المصالح الوطنية وتنمية اقتصادها وهي تخدم العالم المتقدم وتركيا خير مثال على ذلك فقد كانت تركيا تعتبر من الدول المتخلفة والفقيرة مثلها مثل الدول العالم الثالث لكن عندما تم محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين وتنظيف الدولة من الانتهازيين والفاسدين تغيرة تركيا بدرجة 180 وقد ابهرت العالم بذلك فبعدما كان دخل السنوي للمواطن التركي هو 2000 دولار اصبح الان بعد عشرة سنوات من العمل الجاد والمتفاني الى اكثر من 12000 دولار امريكي وهذا ان دل فإنما يدل على مقدار تأثير الفساد على اقتصادنا الوطني الذي ان تم تنظيفه كان في صالح الوطن والمواطن وان كان فاسدا فهو في صالح الدول الغنية المنتجة.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا