من صالح مصر التحاور


تشن الدوائر الإعلامية في مصر هجوما حادا على برنامج التنمية في اثيوبيا وبالتحديد سد النهضة التي تعتبره هذه الدوائر ازمة ومسألة تمس الأمن القومي المصري والكثير منهم يطرح تساؤلات عن الحل الامثل في التعامل مع اثيوبيا وكانت الاجابات متفاوته وكل يجيب على هواه فمنهم من يرى الحل عبر الهجوم على السد وضرب المصالح الاثيوبية عبر هجوم بري او جوي وهو يعتبر حلا متطرفا ومنهم من يسعى الى التضيق على اثيوبيا وفرض حصار اقتصادي عليها  والضغط على الدول العربية لوقف التعامل التجاري معها ومنهم من يرى الحل في تقديم بدائل للسد تساعد اثيوبيا في تحقيق طموحاتها ومحاربة الفقر والنهوض بإقتصادها,وعلى العموم لا يرى الشعب الاثيوبي وقيادته  هذه الحلول حلا للازمة وانما هم بذلك يصبون الوقود على النار فثقل اثيوبيا بإعتبارها دولة المنبع وهو حق منحها الله ومصرهي دولة مصب فهي في الحلقة الاضعف وكون اثيوبيا تبحث عن استقلالها الذاتي ومحاربة الفقر والنمو بإقتصادها من خلال مواردها وثروتها الطبيعية بينما مصر تتمسك بالمواثيق الاستعمارية القديمة والعقلية البدائية و التي عفى عليها الزمن  هو ايضا يجعل اثيوبيا في الموقف الاقوى امام العالم.
 إن كون اثيوبيا من اكبر الدول الافريقية بعد نجيريا من ناحية التعداد السكاني والتي تجاوزت ال 90 مليون نسمة و بإعتبارها اقوى دولة في منطقة القرن الافريقي كقوة عسكرية وبشرية وخامس اقوى جيش في القارة الافريقية وباعتبارها حاضنة الاتحاد الافريقي وعصمتها هي عاصمة الاتحاد الافريقي فيصعب جدا التعامل مع مثل هذه القضية من دون الاعتبار للنقاط القوة الموجودة لدى اثيوبيا وخصوصا ان اثيوبيا استعدت لكل الاحتمالات سواء العسكرية او التمويلية اوحتى القضائية ولجنة الخبراء التي كونتها دول المصب والمنبع كانت نتائجها ايجابية تجاه سد النهضة .
إن مصر حاليا في وضع صعب جدا وخصوصا مع الحالة الداخلية الحرجة التي كان سببها الانقلاب او الثورة الشعبية على الاخوان والحرب التي يقودها الجيش المصري على ما يسمى الارهاب في سيناء وتوتر العلاقة مع الاتحاد الافريقي ومع امريكا والاتحاد الاوربي والقمع والاستخدام المفرط للقوة مع الطلبة والصحفيين والتلاعب الاعلامي الموالي للحكومة الانتقالية كل هذه الامور جعلت مصر تخسر اكثر وان كانت المليارات تتدفق عليها من دول الخليج فإن ذلك لم يساعدها في تهدئة الاوضاع  بل زاد الطين بله وخصوصا الفساد المستشري في الدوائر العليا والسفله وسوء الاحوال المعيشية للغالبية الشعب المصري والبطالة والطبقية والمحسوبية التي تكونت مع النظام السابق كل ذلك جعل المنظمات الدولية والحقوقية تضع مصر ضمن الدول التي لاتراعي حقوق الانسان  والمواثيق الدولية وهذه من نقاط الضعف لدى المصرين امام العالم في مواجهة اثيوبيا .
الازمة الاقتصادية في مصر هي الحلقة الاقوى التي تؤثر على التفاوض مع اثيوبيا فمصر هي على حافة الهاوية والانفاق والدعم على الوقود استهلك مدرخاتها القومية والدين العام فاق معدل النمو وهو ما يهدد الاقتصاد المصري بالانهيار والافلاس ومع ذلك فإن الوضع اصعب بالنسبة للمصريين وخصوصا في ظل هذه الفوضة الداخلية والتوتر الخارجي.
الموقف السوداني هو ايضا يدخل في المعادلة ودعم الحكومة السودانية للسد النهضة واعتباره ايضا مشروعا استراتيجي بالنسبة للعلاقة السودانية الاثيوبية وضع في مصر في موقف حرج امام العالم وخصوصا ان السودان يعتبر من دول المصب ودعمهم للسد يحرق على المصريين اوراق الضغط على اثيوبيا مما يجعل الموقف الاثيوبي هو الاقوى حتى الان وخصوصا ان اثيوبيا تحظى بدعم الدول الافريقية ودول الجوار ودول المنبع وايضا الصين وفرنسا وايطاليا بينما مصر حلقتها هي الاضعف من اثيوبيا.
على مصر ان تلعب دورا ايجابيا في قضية التقاسم العادل للمياه النيل وان تستخدم قاعدة( إربح وأربح )لأنه هو الحل الافضل والعقلية العصرية في السياسة الدولية التي تدعم  دور المصالح المشتركة والتعاون بين الدول. وان الحوار وتبادل المصالح والمصير المشترك  هو عنوان الاتحاد الافريقي واللغة العصرية في الوقت الحالي وليس هناك اي دولة في العالم الا من شذ ا تسعى في سياسته الى استخدام اللغة القديمة والدبلوماسية الميكافلية في العصر الحالي.

ارجوا ان يكون الحوار مسلكاكم ايها الفراعنة والا فإن الغزالان والنجاوشة لن يوقفوهم اي شيء والخاسر الاكبر في النهاية هي مصر ان لم تسلك مسار التعاون وتبادل المصالح المشتركة والقسمة العادلة في الثروة المائية مع دولة اثيوبيا.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا