القومية الاورمية تاريخ يمتد في جذور القرن الافريقي



القومية الاورمية هي اكبر القوميات في اثيوبيا واكبر قومية متواجدة في منطقة القرن الافريقي وتشير التقديرات بانهم يتجاوزن 40 مليون نسمة وبذلك تصبح اكبر المجموعات العرقية في القارة السمراء بعد قومية الهوسا في نجيريا وتقدر نسبتهم في جمهورية اثيوبيا الفدرالية ب 40% من مجموع السكان اثيوبيا والبالغ عددهم 90 مليون نسمة ,تعيش القومية الاورمية في عدد من البلدان منها اثيوبيا وكينيا واجزاء من الصومال ويشكل المسلمون فيها نسبة 70 % .
لغتهم الأم هي أورومو (وتسمى أيضا أفان أورومو أوالأورميفا)، والتي تعتبر جزء من  اللغة الكوشية والتي تصنف لغوياً إلى الأفرو آسيوية.
سكان (القرن) أفريقيا يتكون من عنصرين اثنين:
1- العنصر السامي: كالأمهري والتجراي  والعرب . وهذان العنصران يقال أنهما نزحا من الجزيرة العربية.
2- العنصر الحامي: الأصيل في المنطقة, وهذا العنصر يشكل مجموعة أوروميا والصومال والعفر والنوبة...وغيرهم.
يعد شعب الأورومو من أقدم الشعوب القاطنة لمنطقة القرن الإفريقي، إذ لا يوجد حتى الآن تقدير صحيح لتاريخ استيطانهم للمنطقة، إلا إن إشارات كثيرة توحي بأنهم يقطونون مواطنهم الحالية منذ ما يقارب 7000 سنة، وترد الدلائل إلى أنهم الرحم الذي انبثقت منه معظم الشعوب الكوشية الجنوبية الشرقية، كالصوماليين والعفريين ,والساهو في إرتريا ,والنوبين في مصر والسودان.وجزأ كبير من شعب غوراغى ,وكانوا يستعملون ميناءهم التاريخى ,,زيلع,, Zeyla" في الاستيراد والتصدير البضائع كاالمواشى والحبوب كامثال الذرة والشعير والقهوة والجلود الحيوانية,,,,ولازالت القهوة الاورومية معروفة في العالم العربى إلى يومنا هذا باسم قهوة لقمتى وبن الهررى حيث تمثل القهوة الاورومية 40%من الانتاج العالمى حسب الدراسات وهم من اكتشفوا القهوة لاول مرة فى العالم .
حصل الشعب الأورومي على حكم ذاتي صوري ابان اسقاط النظام الشيوعي ، ضمن إقليم (كلل) يشكلون فيه الأغلبية، بمساحة وقدرها 353,690 كيلو متر مربع، عاصمتها مدينة (نازريت = الناصرية / أداما قديما)، يحدها أقاليم العفر والأمهرة وبني شنقول من الشمال، والحدود الكينية من الجنوب، والإقليم الصومالي - الغربي - من الشرق، ولهم امتداد عميق وواسع داخل الأراضي الكينية مجاورين للمناطق الصومالية شمال وشمال شرق كينيا .
أما في كينيا فنطاق الأورمو يمتد من الشمال حيث الحدود الإثيوبية، حتى حدود قبائل البجون الصومالية في بوني، ويوازيه شرقا الإقليم الصومالي، أما غربا فيحده شعوب رندللي وكيكويو ومنطقة تياتا.
وصف الأوروميين  من بعض المؤرخين بالبسالة والشجاعة. فيقول الدكتور محمد صبري (مؤرخ مصري) في كتابه (إفريقيا الشرقية) ص 129: "إن الأوروميين يمتازون عن غيرهم بالبسالة والشجاعة والإقدام، ولذلك تتألف منهم خيرة الجنود، وهم من أنشط العناصر الموجودة في شرق إفريقيا في الحرب"، كما وصفهم في الكتاب نفسه "بأن الأوروميين من أكثر الأجناس الأفريقية بهاء وروعة". وقد رآهم المبشر (كرايف) فأعجب بطلعتهم الحربية الفذة وطول قامتهم، وهم أذكياء يقيمون في المناطق الخصبة، ولهم منها مراع نضرة وأنعام كالهياكل (أي في الضخامة) وهم قوم ذو شجاعة وإقدام، يقيمون في الأماكن الوعرة في أعالي الجبال للبطش بأعدائهم. ومما أجمع عليه المؤرخون الأجانب أن الأوروميين اسـتطاعوا أن يحافظوا على عاداتهم وتراثهم القومي واستقلالهم عدة قرون حتى جاءت الموجات المتتالية من الاستعمار وخاصة من الأحباش النصارى المتعاونين مع أسيادهم الأوربيين فأخضعوهم لسلطانهم. ويقول بعض المؤرخين: "كان ذلك في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي .
يدين أكثر من ثلثي الأوروميين بالدين الإسلامي، ويشكلون مركز ثقل بشريا كبيرا للمسلمين في الجمهورية الإثيوبية، إذ يشكل المسلمون 56% من السكان، ويشكل الأورومو منهم قرابة النصف.كما تدين نسبة لا بأس بها بالديانة المسيحية، المنقسمة إلى فئتين، فئة اعتنقت الديانة المسيحية من أمراء القبائل الأورومية ليحصلوا على المزيد من النفوذ في البلاط الحبشي في (أكسوم وقوندار)، وفئة أكبر ممن تم تنصيرهم بالقوة، أو عبر الاستغلال كأقنان في أراضي أمراء الحبشة وكرادلة الكنسية الأرثوذكسية القبطية التي كانت ذات نفوذ واضح في إمارات الحبشة وممالكها. كما لا زال يعتنق بعض أبناء الأورومو الديانة الكوشية القديمة التي كان مركزها الإله الواحد (واق)، إضافة إلى العقيدة البروستانتية المسيحية والمنتشرة في غرب اقليم اروميا.
 واروميا تقع فيها الممالك الإسلامية القديمة المعروفة في التاريخ الإسلامي بممالك الطراز الإسلامي ، وبممالك الزيلع ، وتلك الممالك هي :
( بالي ) ، ( دارو ) ، ( سركا ) ، ( هديا ) ، ( إفات ) ، ( أرابيني ) ، ( دوارو ) ، وهذه الممالك هي التي تدعى ممالك الطراز .
و قد نشأت قبل هذه الممالك مملكة ( شوا ) الإسلامية التي قامت على أنقاضها مملكة ( إفات ) . ثم قامت مملكتا ( هرر ) و ( جما ) الإسلاميتين ، وهما آخر الممالك الإسلامية سقوطا في أيدي النصارى .
وكان لجاليات العربية المسلمة في مدن الساحل، مثل: باضع، وزيلع، وبربرة،الفضل في انتشار الاسلام واخراج الناس من الوثنية  وبدأ نفوذ الدعوة ينتقل إلى الداخل في السهول الساحلية، وفي صلب الحبشة، وما أن حل القرن الثالث الهجري حتى ظهرت إمارات إسلامية في النطاق الشرقي، والجنوبي الشرقي من الحبشة، ودعم هذا الوجود الإسلامي، هجرة بعض الجماعات العربية. وزاد اعتناق أبناء البلاد للإسلام، فظهرت سبع إمارات إسلامية في شرقي الحبشة وجنوبها، فكانت إمارة شوا الإسلامية سابقة عليها جميعًا، وتأسست شوا على أيدي نسل (هشام المخزومي) المتزوجين من الاورميين، وكشفت عنها الوثيقة التي اكتشفها المستشرق الإيطالي (شيرولي)، ونشرها في سنة 1355هـ - 1936م، واستمرت هذه الإمارة من القرن الثالث وحتى نهاية القرن السابع، وإليها يعود الفضل في وصول الإسلام إلى قلب هضبة الحبشة.
 ولما ضعفت في أواخر أيامها برزت إمارات أخرى، ولقد مدت إمارة شوا الدعوة إلى حوض النيل الأزرق، وورثت دولة أوفات إمارة شوا، ولقد برزت أوفات كأقوى الإمارات الإسلامية السبع بالحبشة، وهي: دوارو، واربديني، وهدية، وشرخا، وبالي ودارةوهي ممالك من القومية الاورمية ولو أتيح لهذه الإمارات الاتحاد لتغير وجه تاريخ الحبشة الى الابد، غير أن التفكك والضعف جعلها تخضع لملوك الحبشة، وأمام التحديات ظهر حلف إسلامي من الإمارات السابقة، وجند له ملوك الحبشة، فلقد قضي الإمبراطور (عمد أصيون) على دولة أوفات، في سنة 729هـ، وأسفرت الاشتباكات عن عقد هدنة مع التحالف الإسلامي، بعد تدخل المماليك وهددوا ملوك الحبشة، ولم تدم الهدنة طويلًا، واشتد الصراع مرة أخرى، خصوصًا بعد عقد مؤتمر فلورنسا بين الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية في سنة 857هـ - 1453م، وحضره مندوب عن الحبشة.
وتكرر الصراع عدة مرات، وقامت إمارات أخرى في غمرة هذا الصراع، وبرزت من بينها إمارة عدل الإسلامية، ثم إمارة هرر، ولما ضعفت حركة المقاومة، قاد الأئمة الجهاد ضد الأحباش، وظهر الشيخ أبو عبد الله الزيلعي وجمال الدين عبد الله بن يوسف، ثم برز الإمام أحمد بن إبراهيم، والذي لقب (الجري) أي (الأشول)، وخاض غمار حرب عاتية، استولى فيها على مناطق عديدة من الحبشة، فبحلول سنة 942هـ - 1535م، كان قد استولى على وسط الحبشة وجنوبها، ثم استولى على عاصمة الحبشة، وطارد ملكها، الذي استعان بالصليبيين، وكان ملوك الحبشة على صلة بهم منذ الحروب الصليبية بالشام، وكانت الاتصالات تتم عن طريق دير حبشي في بيت المقدس، وبعد هزيمة الصليبيين في الشام وفد عدد من جواسيسهم على البلاد الإسلامية، في محاولات للاتصال بملوك الحبشة، تمهيدًا لعودة الحروب الصليبية، وأسفرت الاتصالات عن تكوين حلف صليبي، لعب البرتغاليون فيه دورًا رئيسيًا.
ولقد تدخل البرتغاليون في الحرب الدائرة بين الإمام أحمد (الجري) والحبشة، فوصلوا إلى ميناء مصوع في 948هـ - 1541م، وأخذوا في شق طريقهم نحو الداخل بمعاونة أمراء الحبشة، ونتيجة لهذا التحالف هزم الإمام أحمد في سنة (950هـ)، ثم استعان الإمام أحمد بالأتراك العثمانيين، فأرسلوا إليه نجدة من 900 جندي، وأحرز انتصارًا على التحالف الحبشي البرتغالي، ولكنه أخطأ في إعادة الأتراك، وأتى غزو الإمام أحمد بنتائج عظيمة لانتشار الإسلام في وسط الحبشة وفي سائر أنحائها

ثم عاد الاضطهاد في عهد الإمبراطور يوحنا في نهاية القرن الحادي عشر الهجري، وفي القرن التالي سادت الانقسامات الحكم الحبشي، وسيطر الاورميون على الحكم، وانتشر الإسلام في هذه الظروف بين قبائل التيجري في القسم الشمالي من هضبة الحبشة، ثم تعرض المسلمون إلى الاضطهاد مرة أخرى في عهد الإمبراطور تيودورس السفاح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وفي عهد يوحنا من بعده، وقد دخل في صراع مع الثورة المهدية بالسودان، وفي عهد منليك خليفة يوحنا ظهر النفوذ الاستعماري، وأخذ في التدخل للسيطرة على العديد من مناطق شرقي أفريقيا وقام بابشع الامور فتم في عهده تغير عقيدة العديد من المسلمين والذين رفضوا تمت ابادتهم وقد حصلت مجازر عرقية تمت فيها قتل عدد كبير من المسلمين الاورميين وغيرهم في هرر التي تحول احد مساجدها الى كنيسة وفي بالي وولو .   
وقد قام السلطان "محمد علي" -وهو من خيرة سلاطين الأورومو- بمقاومة حكم "منليك"، ولكنَّه هُزم، فاختار التَّنَصُّرَ الظاهريَّ على القتل، وقد أَنْجَبَ "ليج ياسو" من ابنة "منليك"، ولما تُوُفِّيَ "منليك" في عام 1913م انتقل الحكم لحفيده "ليج ياسو"، الذي ما لَبِثَ أن أعلن إسلامه، وأبدل العَلَمَ القديم الذي يحمل الصليب بالعَلَمِ الجديد الذي يحمل الهلال، والمنقوش عليه: "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
  لكنْ لم تَرْضَ كُلٌّ من إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وروسيا بما قام به الملك اياسو، فعَمِلوا على إقصائه من الحكم، وتعيين "هيلاسيلاسي" الذي قام بوضع "ليج ياسو" في السجن مدَّة عشرين عامًا، إلى أن مات هناك في عام 1936م، واستمرَّ حكم "هيلاسيلاسي" مدَّة خمسين سنة، مما أضفى على الحدود التي أمدَّها "منليك" صِفَةَ الأمرِ الواقع والمشروعيَّة الدُّولية، وقد عُقِدَ اتِّفاق سِرِّيٌّ بين بريطانيا والامبراطورية الاثيوبية في عهد "هيلاسيلاسي"، خُوِّل من خلاله "هيلاسيلاسي" من ضمِّ الإقليم المُسْلِم إلى أراضيه  يمكنكم قراءت رواية الظل الاسود لكاتب السوري نجيب الكيلاني.
وهكذا بدأت قصة الاضطهاد المسيحي للمسلمين والذي تتطور الى مسألة عرقية بين الاورميين والامهرة لازالت حتى الان عالقة في قلوب الكثير من القوميات والشعوب في منطقة القرن الافريقي التي ذاقت مررات المرحلة التاريخية للحكم الصليبي المسيحي في اثيوبيا ومنطقة القرن الافريقي .
مقتبس من عدد من المقالات وخاصة من الشيخ الدكتور محمد رشاد الجامي رحمه الله وهو من ابناء القومية الاورمية

ويمكنكم قراءت كتاب شعب الاورمو  للدكتور والمفكر الاسلامي حسن التربي .

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا