التاريخ الاسلامي بداية الصراع ومآل الحال




تعلم أغلبنا أن التاريخ الإسلامي والتي انبثقت منها الحضارة الإسلامية أو العصر الإسلامي على أنها من أفضل العصور التي مرت على التاريخ البشري وأن الحضارة الإسلامية كان شعاعها يعم العالم جميعا وهذه المعلومة صحيحا نسبيا وضع خطا أحمرا على نسبيتها ,صحيح كانت الحضارة الإسلامية  أو العصر الإسلامي لها بصمة واضحة في ذاك الزمن وكان العالم الإسلامي الأفضل بين الأمم كلها من نواحي عدة وخصوصا في العهد الظلامي في اروبا  بالتحديد عهد الخليفة الراشد عمربن عبد العزيز والخليفة المهدي وبعض الخلفاء  في الأندلس والعهد العثماني وأغلب العلماء الذين اثروا على العصر الاسلامي هم من الشرق الأقصى ومن العجم ولكن لم يكن المطلق على مر التاريخ البشري فقد كان تاريخنا الإسلامي مليء بالدماء والخيانات والانقلابات والغدر  والفسوق والحروب والتوسعات الاستغلالية وتوريث السلطة لمن هم  لايستحقوها والاستيلاء على أموال وأراضي الغير وهذه النماذج كانت في العهد الأموي والعهد العباسية وإبان الحكم الفاطمي ....العرب كانت تعتبر العثمانين مستعمرين وكان الفرس يعتبرون خليفة المسلمين مستعمر ا لهم وهكذا كان المتأمر يلعب بالنعرة القومية لتفرقة بين المسلمين وصنع المؤامرات وكان للأيدي الخفية دور بارز في ذلك  حتى انه تأمر أحد خلفاء العباسيين مع الروم والصليبين من أجل تدمير الدولة الأموية في الاندلس انتقاما لأجداده الذين قتلوا على أيدي الأمويين...
التاريخ الإسلامي ومنذ هجرته عليه  الصلاة والسلام إلى يثرب وحتى وفاته تعتبر من أفضل العصور الإسلامية و التي تعزز فيها العدل ونشر الخير والطمأنينة وتقهقر الظلم  والوحشية و رغم مامر به عليه الصلاة والسلام من هجوم المشركين وكفار قريش لكنه كان رحيما بهم يرجوا أن يهتدوا ولو أن طغوا عليه وكانت دعوة التوحيد وتطهير النفس من الأغلال الإثم والخبث والشرك وتوحيد  الله سبحانه وتعالى والكفر بالأصنام والأوثان وتعزيز مكارم الاخلاق  الأثر الأبرز على المؤمنين به وخصوصا أن هذه التعاليم تتماشى مع الفطرة والعقل واهتدى بيده خلق كثير من الضعيف والعزيز وعان أكثرهم من هذا التغير العقدي فإستشهد  منهم الكثير وعذب بعضهم  وهاجر بعضهم وتخلف البعض حتى جاء اليوم التاريخي وهي الهجرة النبوية إلى يثرِب المدينة المنورة وهي  تعتبر بداية العهد الجديد لدولة المؤمنين  وبنى عليه الصلاة والسلام  المسجد النبوي وأخا بين المهاجرين والأنصار وكان نهجه عليه الصلاة والسلام هو نشر الإسلام بين القبائل العرب  وتوطين العقيدة الصحيحة في نفوس المسلمين وظهرت  في عهده ظاهرة المنافقين  وكانوا مدعومين من اليهود وكان عليه الصلاة والسلام  لا يحكم على جماعة أو أمة بالعدوان الا بدليل قطعي يُبين طغيانهم ,ويتجلى رحمته أيضا بقومه عندما فتح عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة وقال قولته المشهورة عليه الصلاة والسلام من دخل بيت أبي سفيان فهو أمان من دخل بيته فهو أمان ومن دخل بيت الحرام فهو أمان وكان بعدها الحدث الأعظم في التاريخ البشري ويمكن قياسه بالإعلام الأممي الرباني في يوم عرفة عندما خطب عليه الصلاة والسلام ونادى بأن الناس سواسية كأسنان المشط وأنه لافرق بين عربي على أعجمي الا بالتقوى الا أن سلعة الله غاليه أن سلعة الله الجنة وبعدها بشهور غادر عليه الصلاة والسلام الحياة الدنيا وكانت فاجعة الزمن وبداية العد التنازلي لقرب الساعة.
إن حديث "الأئمة من قريش" والواردة في أمهات كتب الحديث، وهي من الأحاديث التي راجت في عهد الأمويين و العباسيين لتدعيم سلطتهم، حيث أن هذا الحديث  يتنافي مع روح الإسلام القائمة على المساواة حيث أن أحدا من الصحابة أنفسهم لم يحتج بهذا الحديث في اجتماع سقيفة بني ساعدة في المدينة المنورة للمفاضلة بين أبي بكر الصديق القرشي والصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري فتم إختيار أبوبكرالصديق ومبايعته (632-634) وصار خليفة المسلمين على نهج الحبيب المصطفي عليه الصلاة والسلام رغم التمرد الذي حصل  في عهده من قبل القبائل العربية التي رفضت دفع الزكاة الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه  فإنه لم يتوان في أن يعلن الجهاد عليهم وقد استشهد عدد كبير من الصحابة رضوان الله عليهم وكادت العرب أن ترجع الى الكفر وظهر أدعياء النبوة وكانت الفتنة الكبرى ولولا النصر الذي رزقهم الله وأن هذا الدين مكتوب عليه النصر لكان حاله الضياع ولكن وعد الله أن يحفظ دينه وتجلى  ذلك أن سخر الصحابة الكرام بنصرة دينه  ...ومات أبوبكر ودفن واجتمع كبار الصحابة ورشحوا عمر بن الخطاب وفي رواية  تم التوصية لعمر بن الخطاب (634-644) بكتاب مغلق من الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
الخليفة الفاروق والذي بيده تمت أعمال جليلة وفتوحات إسلامية عديدة حيث يعتبر عهده عهد التأسيس والبداية الحقيقة لقيام الخلافة الاسلامية بقواعدها الصحيحة إلا أن المكر والإنتقام والخداع الذي مارسه اليهود والمجوس كان قد ظهربسبب تلك الفتوحات فأجلى عليه رضوان الله  عليه اليهود من المدينة المنورة الى جهة الصحراء وعوضهم بالمال ولكن ما أن إستقرت الأوضاع حتى ظهرت المؤمرات مرة أخرى وتوج بإغتيال الخليفة أمير المؤمنين الفاروق وكانت هذه الفترة مشهورة بمقولة الجندي المرسل والذي قال عدلت فأمنت فنمت رضوان الله عليه  في هذه الفترة كثر رواة الحديث وكان عمر بن الخطاب ينهر الصحابة المكثرين لحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بينهم ابوهريرة  وعبد الله بن عباس وابن مسعود حتى انه عاقب صحابيا على أكل أموال بيت مال المسلمين .
بعدها تولى الخلافة عثمان بن عفان وهو من بني أمية كما أن أبوبكر الصديق و الفاروق عمر بن الخطاب رضوان الله عليهم من بني أمية وكان عثمان بن عفان وهو أحد المبشرين بالجنة كان لينا في السياسة وكان يقرب أولى القربى في تخصيص سلطاته وكانت رحمته وحسن ظنه بمن حوله جعله ضحية مؤامرة كانت هي بداية الفتنة والإختلاف في العالم الاسلامي إستمرت إلى يومنا هذا (الفتنة الكبرى) التي عصفت بالتاريخ الإسلامي في عصر ه حيث سمح عثمان (بعكس عمر بن خطاب الذي منع كبار الصحابة من الهجرة إلى الأمصار خشية الفتنة عليهم واقبالهم على ا لدنيا )- لكبار الصحابة بالهجرة إلى الأمصار المفتوحة حيث أقبلت عليهم الدنيا، وهو ما يظهر من ثروة بعض كبار الصحابة عند موتهم نقلا عن طبقات ابن سعد هذا فقد اغتيل رضوان الله عليه بيد جماعة من المسلمين كانوا معترضين على حكمه وخروجه عن المنهج وأمروه أن يعتزل الا أنه ضحى بحياته من أجل ردئ الفتنة.
جاء بعده الخليفة علي بن ابي طالب  رضي الله عنه وهو من آل البيت ومن بني هاشم  وتعتبر فترته فترة الصراع الذي حول وغير تاريخ العالم الاسلامي وفرق المسلمين الى فرقتين ولأول مرة يحارب الصحابة بعضهم البعض بسبب سوء التفاهم في الاولويات وهي الفتنة آلتي قسمت ظهر المسلمين بعد رفض علي بن أبي طالب رضي الله عنه القصاص من قتلة الخليفة عثمان وخصوصا أن القتلة كثر .... فأغتيل عليه رضوان الله بيد غادرة وكانت عملية اغتياله هذه نهاية لفترة الاسلامية الراشدة ( لم يترك سوى 250-700 درهم) وبداية السلطة الوراثية والسلطوية وهنا جاء صراع آل البيت الذين يَرَوْن أحقيتهم في الخلافة وبين بني أمية الذين رؤوا أن الخلافة والسلطة لهم كما كانوا في عهد ما قبل الاسلام ...الصراع على السلطة والتي انتجت لنا الطائفة المناصرين لحق علي بن  أبي طالب المعارضين عن الظلم الواقع على آل البيت  وطائفة الموالين للسلطان والمال وطائفة المتمردين على  السلطة والظلم والقهر الذين رؤى نفاق السلطان وتلاعب العلماء وعجز العامة .

صارت  في عهد الأمويين الحروب والقتال والسجال فكانت الخطب في مساجد بني أمية تسقط علي بن ابي طالب من بين الخلفاء الراشدين بينما كان بنو هاشم ومن تبعهم يلعنون بني أمية وحتى إن الكعبة هدمت وقتل ابن الزبير وتفرق الصحابة وتمكن بني أمية على السلطان وصار لهم ما أرادوا  الا ان أل البيت ومن والهم من بني هاشم  والعلويين وغيرهم يحاربونهم بين فينة واُخرى وكانت هذه بداية الصراع الطائفي الذي كان نتاجه أن أنصار علي بن أبي طالب وآل البيت وقع عليهم  الظلم وكان أقسى ما يمكن وصفه بلغة العصر أنه انقلاب على الشرعية والنظام وكانت الشرارة التي أشعلت العالم الإسلامي وكان أنصار بني أمية ينظرون لنفسهم ويضعون لأنفسهم الأحاديث الموضوعه والكاذبة  والتي تنسب الى الرسول الله وهو منها برئ  لدعم رآيهم وتعزيز سلطتهم والطرف الأخر أيضا يضع أحاديث وآثارا موضوعة لينصر رأيه مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر علي الصحابة أن تكتب كل أحاديثه حتى لا تختلط مع القرآن الكريم  وحتى لا تقوم فتنة بين المسلمين وهو ماحصل فعلا لذلك نجد أن الحديث النبوي هو أحد الأساليب المستعملة في دعم وإقامة الحجة ضد الأخر والتي فرقت الأمة وانتجت طوائف وفرق منحرفة وخصوصا أن إختلاق الأحاديث من أجل دعم الرأي كانت من أدوات كلا الطرفين وهو ما نعانيه إلى يومنا هذا من التشدد والتذمر والإختلاف في الفروع وترك الجوهر الذي بنيت عليه العقيدة الإسلامية من دون الفلسفة والذي جعل البعض يدعي إنتمائه الى الفرقة الناجية وتكفير الآخرين أو سب الصحابة أو الثأر لعلي بن ابي طالب والحسن والحسين رضوان الله عليهم فهم حقا شهداء الحق ولكي ترى حجم الكارثة التاريخية لتلك الأعمال أنظر الى اعمال الخلفاء في العهدين الأموي و العباسي:-
  • قتل الصحابي معاوية بن أبي سفيان لصحابي حجر بن عدي .
إن الخلافة  الأموية والعباسية والتي نعتوها بالإسلامية هي في حقيقتها خلافة عربية قرشية، وأنها لم تحمل من الإسلام إلا الاسم فقط و تكمن أهمية إدراك التاريخ الإسلامي بكليته إدراكا علميا قائما على أمهات كتب التراث الإسلامي في أن هذا الإدراك لا بد وأن يحد من ظواهر التطرف الديني، حيث أن التطرف دائما خاضع للتوجيه والتعليم المضلل، والمنهج أحادي التوجه والاتجاه، والوجه الواحد من الحقيقة هو الحقيقة كلها وهو المنطق الذي نتج عنه هذا الخلاف والإختلاف والتطرف والحنين الى الزمن الماضي .
فداعش والخوارج والقاعدة والفرقة الناجية والتسع وتسعين في النار كلها نتاج هذا التوجيه الموحد والذي يدعي أن الحقيقة بيده وأنه على حق وكلنا على باطل وأنه المخلص والمخلص وحامي حمى الدين وأنه على نهج سلف الأمة  وهذا ما يستخدمه البعض في التغيب والتضليل وهذا مأل الحال لأن التاريخ الذي تعلمه المتطرفون أو الفئة الضالة والتوجيه  الذي تلقوه باطل وما بني على باطل فمصيره البطلان والجهل بالحقائق  يؤدي الى اتخاذ قرارات خاطئة وهو ما انتجته الافكار والمذاهب والفرق لطوائف التي خرجت عن المسار النبوي والهدي الرباني وتعاليم القرآن الكريم .
فهل هناك من يحمل مفاتيح الجنة والنار ليهدد بها غيره؟....هو سبحانه وحده  يتكفل بذلك..لابد من قراءة التاريخ من جديد لمعرفة الأخطاء وفهمه وإعادة صيغتها بحقيقتها دون إخفاء وتضليل.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا