التقدم والتخلف ..أسئلة في الصميم




يتسأل احدهم لماذا يوجد دول تصعد وتتقدم وتزدهر؟ ودوّل تعيش البؤس والضيق والتخلف والتدهور ؟! هل لان الدين له علاقة ؟! ام العادات والتقاليد اثرت في ذلك ؟ هل العلمانية هي سبيل التقدم ؟! ام ان الشعوب هي من تحقق التقدم؟ام ان القيم والعدالة والقيادة الحكيمة والتعليم هي أساس الازدهار ؟ ...هذه الأسئلة وغيرها يسألها العديدون سواء كانوا مثقفين او مفكرين او شبابا او مواطنين عاديين وهو سؤال محوري إجابته تحمل نفسها العديدمن الاستفسارات وخصوصاان البرهان موجود بين أيدينا وملاحظة للعيان لا يمكن ان تقبل القسمة والفلسفة والتضليل.

الدول تتقدم وتزدهر بشعوبها ومواطنيها ويتحقق ذلك من خلال القيادات الحكيمة الواعية والملهمة واساس هذا كله هو العدل وتطبيق القانون على الجميع والعدالة الاجتماعية والشفافية  وتكافؤ الفرص  والاهتمام بالتعليم والجامعات والتعليم المهني وإذا توفرت هذه العوامل يأتي دور الاحترام وتقدير الحقوق الانسانية وتعميق الاحترام الفكري والاراء وأن الرأي الفكري البناء لايفسد القضية وبهذه العوامل سيكون طريق التقدم والازدهار قد بدأ وجذب الاستثمارات والرؤوس الأموال  العالمية التي تأتي من غير طلب وهو امر محتوم لمن يطبقها وهذا يمكن ان تراه في سنغافورة فقد كانت دولة من دول العالم الثالث المتخلف وفي مؤخرة الدول لكنها اليوم وبتطبيقها قواعد العدل والقانون وحماية النظام وتطوير نظامها التعليمي  وفتح الاعمال على مصراعيه والصرامة في تطبيق القانون على المخالفين أصبحت اليوم سنغافورة ضمن الدول المتقدمة وفي صدارة الدول في كافة النواحي مما جعلها واحدة من انظف وارقى وأجمل مدن العالم ويتمتع مواطنيها بمستوى معيشي ممتاز بلإضافة الى الحرية الإعلامية والصحافة طبعا الحرية ليست تلك التي تؤذي الدولة وتزعزع استقراره وإنما الحرية في التعبير الاصلاحي والنقد البناء .
الدول الإسكندنافية تعتبر هي ايضا واحدة من أفضل الدول في المستوى المعيشي رغم الظروف الجوية الصعبة لكنها واحدة من الدول المتقدمة في جميع المجالات وخصوصا مجال حقوق الانسان وحماية البيئة والطاقة البديلة والصناعة والزراعة المتطورة. 
 والنموذج الياباني والذي يعتبر معجزة العصر من دولة خرجت منهزمة في الحرب العالمية الثانية الى دولة صناعية رائدة في عالم التقنية والتكنلوجيا رغم افتقارها لمقومات عديدة الا انها استخدمت قوتها البشرية لتحقيق ازدهارها الان جاء دور الإجابة على السؤال عن سبب تقدم هذه الدول عن غيرها انه الاحترام كمبدأ وقيمة وهذه القيمة هي التي تفتقر اليها اغلب الدول المتخلفة والمنهارة وهي كقيمة مفقودة لدى قادتهم وكمبدأ معدمومة بين شعوبهم الا من رحم ربي ولهذا تجد دولة مثل ..زيمبابوي ..تعاني مشاكل اقتصادية وسياسية وبيئة وقانونية حتى انها لا تلقى احتراما من الدول الكبرى وتعامل كدولة فاشلة ويتم دائما اختراقها بسهولة بينما العكس لو كانت هذه الدولة مثل الدول المتقدمة في نظامها وانظمتها وسياساتها فإنك ستجد الفرق ....الدين ليس له علاقة في التخلف لكن تفسير النصوص الدينية يلعب دور في تحريف الاتجاهات فمثلا تجد ماليزيا دولة متقدمة وراقية ومتحضرة وهي لم تبعد الدين من الحياة العادية وتجده ملموسا في كل الدوائر الحكومية والخاصة بينما اذا عدنا الى الوراء لدول قامت على أساس ديني مثل  دولة طالبان في أفغانستان فقد كانت دولة تحاول تطبيق الشريعة في شؤون حياة الدولة والعامة لكنه كان نموذجا فاشلا واساء الى الدين كثيرا ولو أكدنا ان العلمانية هي سبب تقدم هذه الدول لوجدت ان اغلب الدول في العالم العربي علمانية لكنها لم تصل الى مستوى تلك الدول كماليزيا ،اذا مربط الفرس هو الاحترام كقيمة ومبدأ وتطبيق القانون على الجميع وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص  والتعليم هو سبب تقدم هذه الدول وتحضرها وزرع القيم التي تتم من خلال التعليم والإعلام والسياسات الحكيمة للقادة وهذا ما تم تطبيقه في الهند والصين وتركيا والبرازيل وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية والتي تعد اليوم من الدول الصاعدة وهو النموذج الذي حقق لشعوبها أفضل مستويات المعيشة عن ذي قبل وخصوصا  مثل الصين التي  حققت نتائج وصل بها  الى مصاف الدول الاقتصادية القوية .
القيم الانسانية واحترام حقوق الانسان وتطبيق القانون  والاهتمام بالتعليم وكوادره والمساواة في الفرص والعدالة الاجتماعية والنظام الاقتصادي المفتوح ومع القوة المركزية والقيادة الحكيمة له اثر كبير في تغير الدولة ونظرتها لنفسها ونظرة الدول الاخرى لها ويتسع لها المجال لتنافسهم في المراكز المتقدمة .
وكمثال على دور القيادة في تحقيق التقدم  والازدهار هو ما قام به الرئيس الراحل للولايات المتحدة الامريكية  جون كندي والذي قال في احدى خطبه بان أمريكا بعد عشرة سنوات ستصل الى القمر وان الحلم الامريكي سيتحقق لها ،وهذا أدى الى الهام الشعب الامريكي وتحمسه لتحقيق هذا الهدف وطبعا تلقائيا بدأت الدوائر التعليمية والجامعات والشركات والمؤسسات بتأهيل نفسها وتطوير برامجها وكوادرها لتحقيق هذا الحلم الذي كانت بذرته خطاب من الرئيس جون كندي وهو ما حقق لامريكا سمعة ومكانة دولية بين الامم.
والنماذج  للقيادات الملهمة للشعوبهم كثيرة مثل الزعيم التركي اردوغان الذي الهم شعبه بالعظمة وحضارتها العثمانية والزعيم الراحل للإثيوبيا ملس زيناوي والذي خطط لأن تكون اثيوبيا دولة حضارية صناعية رائدة في افريقيا والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي جعل من إمارة دبي مركزا تجاريا ورياضيا وثقافيا  وملتقى عالمي وتبوؤها المراكز الاولى في عدة مجالات وغيرهم الكثير الذين سعوا لتحقيق الرفاهية والازدهار لبلدانهم . 
الحديث عن أسباب تقدم الامم او تخلفها يطول والكثير من النظريات كتبت في هذا المجال والعديد منها يعطي نماذج ناجحة كاليابان او كوريا الجنوبية وسنغافورة ومنهم وخصوصا في العالم العربي من يقدم النموذج الماليزي بالاعتباره الأقرب للعالم العربي لوجود قواسم مشتركة بينهم ،ولكن في النهاية وجود القانون والنظام واحترامه مع قيادات حكيمة ومؤسسات وسياسات تعليمية قوية  هو ما اجتمع عليه اغلب المفكرين في التنظير الاجتماعي وكل دولة لها حالتها الخاصة التي ساعدت في نهضتها او تخلفها .


تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا