الداعية المؤثر


كلنا يعلم ان الداعية له دور عظيم في حياة المسلمين والناس اجمعين ودوره هو مكمل لدور الرسل عليهم الصلاة والسلام في توجيه الناس الى الخير والتوحيد وتحذيرهم من الشر والشرك وعبادة الاوثان والشيطان ووساوسه وتقريب الناس الى الايمان  وهذه المهام العظيمة هي مسؤولية كبيرة وامانة ثقيلة على الداعية ان يؤديها على اكمل وجه وان كان الكمال يصعب ادراكه لذلك ورد في الحديث ان الامام اذا اجتهد فله اجران فإن اخطاء فله اجر واحد بيانا ان مسألة الاخطاء واردة في البشر وهي ايضا مسؤولية امام نفسه وخاصة ان اول من تسعر بهم النار يوم القيامة امام يدعوا الى الجنة ويدخل هو النار وهذه عقوبة شنيعة لمن يقول كلاما لا يطبقه على نفسه.
لذا نجد في زماننا الكثير من الدعاة والواعظين والخطباء ومع كثرتهم تجد القليل منهم من له التأثير على الناس وتجد له قبولا واقبالا لسماعه وهو الداعية المؤثر الداعية بقلبه ولسانه وهمه كله اداء هذه المسؤولية لله وتقربا اليه لا لجاه ولا لسلطان لا يريد منك جزاء ولا شكورا ,مسؤولية وامانة موجودة على رقبته يريد اداءها وهؤلاء الطيبين الطاهرين كلامهم يدخل القلب قبل العقل وموعظتهم تجد لها مستقرا ومقاما وتشعر معهم بالسعادة والطمأنينة كلاماتهم ليست هرطقات فلسفية ولا خلافات فقهية ومذهبية ولا انتقاص وطعن في اشخاص ومقامات ولا غيبة ونميمة باسم الجرح والتعديل كلامهم تعالوا الى الله عودوا اليه اعملوا خيرا لانفسكم ليوم لا ينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم, وموعظتهم حسنة وقصصهم سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وقصص انبياء الله عليهم السلام ,وكلام في ملكوت الله وكلمة طيبة تقربك الى الله وتنفعك في دينك ودنياك ولا يغيب عنها الفكاهة والنكت الدنيوية امتثالا لقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه عش في دنيا كأن غريب او عابر سبيل واعمل لدنياك كأنك تعيش غدا ولأخرتك كأنك تموت الان ,و ما اجملها من معاني تختصر لك مصائب الدنيا كلها هو انشغالنا في الدنيا ونسيان الاخرة .

شاهدت داعية ارجوا من الله ان يجزيه خيرا ويؤجر على محاضراته داعية كلامه من عسل سلس يدخل القلب من دون طرق ,يثلج الصدر ,ولايغله ,يعلي الهمة يعطي نصيحة ويغلفها بالستر ,وحديثه له وقع وصدا في اذنك حتى بعد خروجك من محاضرته تشعر بها في كل نواحي حياتك وتتذكر كلامه حتى في احلامك فهذا واحد من الدعاة المؤثرين في العالم الاسلامي والعربي ومشهور بأسلوبه هذا حفظه الله من كل سوء .
وفي المقابل تجد الداعية الذي يتبع هواه, ويشبع غروره ,وخبث نفسه في حديثه بل يرسل رسائل غير مباشرة لتغذية مصالحه ,فهو أداة خير لكن مسموم بالشتائم والانتقاص ,ومغلف بالكبر والغرور ,ويلسع سامعه بتخدير ايمانه وتنشيط اهواءه ونفسه ,وتجد جفافا في الايمان ومملا من تكرار الكلمات. دوامة ظاهرها فيها الرحمة ولكن من قبلها العذاب ,همه بطنه وكيف ينتفخ ,وجيبه وكيف يملأ ,عميل لكل من يعطي ومن العامة يشحت من غير استحياء وفي الخفاء يستمتع بقوته المؤثر على الناس ... هذه اوصاف لهؤلاء الدعاة هداهم الله الى الصواب ,لذلك تجد اغلب مثل هؤلاء الدعاة بدايتهم قربتهم الى الناس عندما كانت نفوسهم نظيفة ولما غشاها الطمع واقبلت الدنيا عليهم تحولوا الى دعاة بزنس لذلك تجد الناس تنفر منهم ومن يستمع اليهم  فهو قريب من الدنيا اكثر من الاخرة .
لا مانع ان يكون المتدين والداعية او المطوع  سياسيا او رجل اعمال او اعلامي او حتى جندي يحرس الثغور ويدافع عن الوطن ضد الاعداء فهم كلهم يسد ثغرة من ثغور الحياة ويساهم في مجتمعه بتحمل مسؤولية يكون له دور فيها  فهذه كانت جلية في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  فأبوبكر كان قائدا سياسيا وخالد بن وليد جنديا في سبيل الله  وعبدالرحمن بن عوف رجل اعمال ...الخ ولكن الدعوة لا تستغل من تلك المناصب والمهام وانما تطوع لها لان الداعية مهمته التبشير لا التسويق والتحذير لا التنفير والتعليم لا التغفيل وان يكون الله في كل اعمالنا نبدأها باسم الله الرحمن الرحيم خلاصة لوجه سبحانه وتعالى .



الداعية المؤثر والعالم الرباني هو من يأتيه الملوك لا يخشونه على سرهم والتجار ورجال الاعمال وهم يأمنونه على اموالهم والناس وهم تستفيهم في امور دينهم ودنياهم والكل يحترمهم ويجلهم لأنهم بأخلاقهم واخلاصهم سخر الله لهم حب الناس لهم في ارضه ولكم في رسول الله اسوة حسنة وهناك الكثير من النماذج لهؤلاء الدعاة والعلماء الربانيين الذين اثروا وتركوا ارثا واعمالا تناقلته الاجيال رحمهم الله رحمة واسعة وادخلهم فسيح جناته وغسلهم بالماء والثلج والبرد انه ولي ذلك والقادر عليه وانا لله وانا اليه راجعون.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا