الكوادر بين الكم والكيف

 


يحكى قديما ان فقيرا طلب دينا من احد الأغنياء في الصين فتلمس التاجر الصيني من الشاب الفقير ذكاءه وقوته البدنية وقال له لا اعطيك دينا وإنما شبكة  لصيد تأكل منها وتنفق به على  نفسك وعندما تغتني تعيد الي ثمنه ففرح الشاب وانطلق بالشبكة الى البحر فكان يعمل من الشاطئ ويأخذ ما صاده الى السوق ويبيع ويربح ومرت الأيام و استطع هذا الشاب ان يشتري قاربا ويبحر بها الى الأعماق البحار وزادت الكميات المصادة من الأسماك وزاد حجمها وزاد مقابلها الأرباح فانطلق الى التاجر ليعيد له ثمن الشبكة ويشكره على هذه الفرصة و بينما هو ذاهب الى التاجر مر أمامه اعلان من الحكومة  لمناقصة لكميات ضخمة من  الاسماك  لتغذية الجنود فكانت فرصة ثمينة ليدخل هذا المجال فذهب الى التاجر وسلمه الثمن وشكره على مساعدته .. فقال له التاجر هل لديك اي طلبات فقال له الشاب نعم لقد رأيت اعلانا يطلب فيه مورد لكميات من الاسماك للجنود فهل يمكن ان تشاركيني في هذا المشروع فقام التاجر من مقعده وقال هذا ماكنت أردته (ان تكون  ) فقد صنعت منك تاجرا ومن خلال فراستي توسمت فيك صفات التاجر وقد تحققت امنياتي ولذلك جاء المثل الصيني المشهور أعطني سنارة ولا تعطني سمكة ....كثير من الشباب يملكون طموحات وافكار جبارة لكن لا يجدون من يسعى لتحقيق طموحاتهم وبل اصبح الكثير من الطبقة الغنية يقلق من الكوادر الشابة بإعتبارهم مهددا لكياناتهم وكيانات عائلتهم ومستقبل ابنائهم.
هذه المقدمة من القصة  لتاجر الصيني والفتى الطموح تعطينا معنى ان الكيف والاهتمام بالنوعيات  في صناعة الرجال وتكوينهم أفضل من كم في المدارس والكثرة في عدد المتعلمين لان الاهتمام بالكيف يعطي نتائج اكثر من الاهتمام بالكم والتي تعطي ارقام ليست لها قيمة في حد ذاتها .
التجربة الكورية واحدة من الأمثلة التي استطاعت ان تنشئ كوادرها من خلال الاهتمام بالكيف لا الكم فكل طفل يتم اعداده من خلال ميوله وتنمية قدراته في المجال الذي يحبه فالمهتم بالحساب والرياضيات يتم تخصيص اكبر قدر من المواد التعليمية له  في هذا المجال وهلم جرا لك التخصصات فلذلك نجد كوريا الجنوبية تنتج العديد من الاختراعات والتقنيات عالية الجودة وبشكل مبهر بل حتى في مجال الفن والأدب والتصوير والإعلام وهذا التقدم الهائل جاء من خلال اهتمام الدولة بالنشء وبالكيفية التي يتم اعداده لسوق العمل ومستقبله القادم
اعتقد بأن الاهتمام يبدأ من الاسرة لان اكتشاف ميول الطفل والاهتمام بهواياته وتنمية تخصصه فهذا سيجعل من الطفل له مستقبل في مجال تخصصه 
لدي مثال لاهتمام الاسرة في إعداد النوابغ مثل الشاعر تميم البرغوثي أمير الشعراء فهو من أسرة ادبية ومهتمة بالأدب واللغة العربية وهذا الجوا ساعد في تنشئت الشاعر تميم مريد البرغوثي شاعر فلسطيني، اشتُهر في العالم العربي بقصائده التي تتناول قضايا الأمة، وكان أول ظهور جماهيري له في برنامج أمير الشعراء على تلفزيون أبو ظبي، حيث ألقى قصيدة في القدس التي لاقت إعجابا جماهيريًا كبيراً واستحسان المهتمين والمتخصصين في الأدب العربي. وهو ابن الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، والكاتبة المصرية الشهيرة هدى الشعراوي فقد ذاع صيته ونبوغه في الشعر والأدب والخيال الأدبي واستخدامه لكلمات بطريقة مبهرة مع البساطة الرقيقة فهذا جاء نتيجة الاهتمام بالكيفية وليس في كم في تكوين شخصيته وتنشئته على حب لغته رغم تخصصه في مجال السياسة الا انه وظف تخصصه في نقل معاناة شعبه وبلده كما يتضح ذلك من قصيدة القدس .
الكلام في هذا المجال ذو باع وهناك الكثير من الكتب التي ناقشت هذا الموضوع والعديد من النظريات يمكن للآباء والمدرسين والقادة ان يقرؤا فيها ليكونوا قرارت تعمل في صالح مستقبل ابناءهم والجيل الذي سيمسك بزمام الأمور من بعدهم .

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا