السعادة بين نعمة الاسلام ونقمة المادية.
حياتنا هي عبارة عن مؤشر اسهم اما تصعد وأم تنزل ام لونها اخضر او احمر وهي كتاب بملايين الصفحات ،فالصفحة تحمل في طياتها الكلمات والمشاعر والافعال التي واجهناها واصدرناها في حياتنا منها السعيدة والحزينة وفيها الأفراح والاطراح ،وخلال عمرنا القصير يصدم الانسان بالمواقف السيئة والسلبية وكثير منا يعكر صفحات حياته بتلك المواقف السلبية ويجعل حياته كلها عبارة عن سلبيات وحظوظ سيئة بينما لو تم تغير تلك المواقف ومجابهاتها بالايمان والصبر والاحتساب والتعامل معها بايجابية لكانت حياته كما يقولون عسل في عسل وهذه الإيجابية تنعكس حتى على من هم حوله وتزيد من فرص السعادة والاستمتاع بالحياة والهناء فيها.
الإيجابية في مواجهة الحياة وظروفها القاسية هو أفضل الحلول ولكي تعزز من إيجابيتك في حياتك فعليك ان تعزز الإيمان بالله والتوكل عليه واستحضاره في كل صغيرة وكبيرة وكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام "عجبا لامر المؤمن ان أمره كله خير ان إصابته ضراء صبر فكان خيرا له وان إصابته سراء شكر فكان خيرا له" وهذا ما اكدته ايضا احدث الدراسات النفسية في بريطانيا والتي أكدت ان القناعة والإيمان والرضا هو اهم عامل في الاستقرار النفسي والشعور بالرضا والسعادة وتحسن الصحة والنشاط البدني علما بان نفس الدراسة أكدت ان من أسباب الشقاء واليأس والحيرة وامحاولة الانتحار واللجوء الى ادمان الكحول والمخدرات ....هي البحث عن السعادة لكن من بابها الخطأ مما يؤدي الى ازدياد المأساة وفي النهاية ستؤدي الى تلك النتائج الكارثية من الانتحار والاكتئاب والحزن فمثلا في الدول المتقدمة يكثر الانتحار في الأشخاص الذين يفقدون عملهم بعد خدمة طويلة في الشركة او المؤسسة مما يجعلهم يملون من حياتهم ويعانون من الاكتئاب والشعور بالوحدة خصو صا اذا كان الإيمان ليس في جدول حياتهم .
الملحدون هم اكثر الناس يأسا في حياتهم وخصوصا ان المادية تغلب في تعاطيهم مع الحياة فإن هم فقدوها كأنما فقدو الحياة برمتها فتجد حياتهم نكد في نكد مع توفر أسباب السعادة المادية فنفس الدراسة البريطانية تقول ان المال يعتبر عامل من عوامل شراء السعادة وتحقيقها لكنها ليست أساسية في اكتساب السعادة والايجابية فنسبة كبيرة من الناس في استطلاع ارائهم يعتبرون المال وسيلة للسعادة وليست هي السعادة فهناك الكثير من الاثرياء والنجوم السينما الذين يملكون الملايين لكنهم يعانون من الاكتئاب والملل ومدمنون للمخدرات والكحول وبعضهم يحاول الانتحار ومنهم من انتحر ومنهم من كان السجن مصيره ...الخ
للإيمان والإسلام دور وسبب في الخير الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية والتي لها بصمتها الخاصة، ولهذه قصة قام بدراستها احد الباحثين عن الحقيقة من أمريكا لدراسة أفضل دين وأفضل شعب يعيش سعيدا من كل جوانب الحياة ويحمل الحقيقة الصحيحة عن هذا العالم والغرض من وجوده، فقام بدراسة نموذج السعادة الأمريكية والدول التي تحذوا حذوها ،فوجد ان حياتهم قائمة على الرأسمالية والمال والحريّة الفردية والأنانية في تحقيق الطموحات ولتحقيق السعادة؛ على المواطن الامريكي ان يعمل ويجتهد في عمله ويدفع الضرائب ويقترض المال من اجل دعم رغباته الشرائية ويحقق احلامه ويشبع غريزة الامتلاك فيه، وكلها تصب في صالح النخبة السياسية والاقتصادية المتحكمة في شريان ومفاصل ونظام الدولة والمال يَصْب في صالحهم وما الحلم الامريكي الا شعار يقوم على المادية وتقديسها لتكون سعيدا (فقط امتلك المال )وهذا له عقبات كبيرة فالسعي نحو المال هو الهدف والمادية أساس في صنع السعادة ... فأسقط الباحث أمريكا واروبا من كونها بلد السعادة والعيش الأمن لانعدام فرصة العيش بدون المال والهدف الاول والأخير لمواطن الامريكي هو الكسب والعيش برفاهية ، و المال هو العنصر الأساسي فيها،فكلما عملت اكثر كلما كسبت اكثر و ازدادت فرص رفاهيتك .
ثم انتقل الى دراسة النموذج الصيني و يعتبر النموذج المتبع للنمور الآسيوية والنهضة الاقتصادية فيها قائم على الصناعات الكثيفة عماليا فوجد ايضا ان الصيني والآسيوي اذا لم يعمل وينتج لا يستطيع ان يعيش والنَّاس لا شغل لهم سوى العمل وكلهم مشغولين بالعمل ولا احد يحقق الأمن والامان والطمئنية الا ان يكون عاملا ومجتهدا في عمله ضمن إطار جماعي فالعدالة تتحقق من خلال المشاركة، وهذا النموذج يجعل الانسان عبارة عن آله وماكينة تعمل فقط من اجل الانتاج و مشاركة الآخرين جهوده من غير اعتبار لتكفؤو الفرص والعدالة في توزيع الناتج والحقوق وبدون هذا النظام لايستطع الشخص العيش وليس هناك رحمة بالفقراء وليس في قاموسهم راحة الا بالعمل فاعتبر ان هذا استعباد رأسمالي يتغذون بعرق الضعفاء والمحتاجين وقهر شيوعي يفرض عليهم هذا النظام بقوة السلطان وهو نموذج لا يحقق السعادة الفعلية .
انتقل بعد ذلك الى النموذج الهندي وأديانها المتعددة ، فوجدهم يعظمون القوة والاقوى وكل ما يعبد عندهم محور الخضوع له يعتمد على مدى قوته بالاضافة ان كل دين من تلك الديانات يوجد فيها طبقية ، طبقة اسياد ،وطبقة الكهان ،وطبقة العبيد او الخدام، وهذا يعتبر ظلم اجتماعي واستغلال فئوي ،وتنعدم فيها أسس العقلانية والفطرة السليمة .
وأما النصرانية فلم تحقق تتطالعته وتشفّي غليل عطشه لمعرفة الحقيقية .
واليهودية كذلك فيها قائمة على أساس العرق والشعب المختار .
فانتقل الى الجزيرة العربية وخصوصا ارض الحرمين المملكة العربية السعودية والتي تعتبر مهد الدين الاسلامي وقبلة المسلمين وأكثر البلدان امتلاكا للثروة وتنوعها فوجد ان اكثر الناس اهتمامتهم الروحية لها مجال كبير في حياتهم فوجد في الجزيرة العربية ثروة تأتي لهم بالمال الوفير بدون ان يكدوا ويجتهدوا عليها وكأنها منحة ربانية والمال عندهم وسيلة وليس هدفا بذاته فالشخص في السعودية يعتبر المال وسيلة ليحقق تتطلعاته وطموحاته والعيش الرغيد وتيسير حياته والهدف الأساسي له هو عبادة الله ونيل رضاه ويهتمون بالصلاة والاحسان والكرم ووجد اكثر الناس مبسوطة مع عوائلهم في المقاهي والمنتزهات والأسواق بل تغلق هذه الاسواق من اجل الصلاة ، وملابسهم البيضاء ونقائها تنعكس على حياتهم فهم مطمئنين والحب والخير متأصل فيهم والصفاء بادي في تعاملاتهم والحياة مستمرة رغم الحر والطبيعة الصحروية الجافة .
الاغرب انه رأى ان الملك والمواطن يصلون في صف واحد لايوجد ما يميز الملك عن الآخرين ، حتى في القبور فهي من التراب لا تستطيع ان تميزها، الغني والفقير وصاحب السلطان يدفنون بنفس الطريقة وبنفس حجم الحفرة.
الفقير له حقوق تكفله الشريعة من زكاة الأموال والصدقات، ووجد النظافة والطهارة لها مكانة في الشخص المسلم، وهم متعاون ويهتمون بالجار وبذي القربى والتواصل فيما بينهم ، والاسرة والعائلة لديها اهتمام خاص بعكس ماهو موجود في الغرب من الانحلال والتفكك الاسري فقرر هذا الباحث ان يتعلم الاسلام بصورة مفصلة باعتباره الدين الذي يربي الانسان ويرشده للهدف الحقيقي من هذه الحياة بل ان محمد صلى الله عليه وسلم انطلق من هذه المنطقة لتصل رسالته الى أقصى الشرق وأقصى الغرب وهذ الدين هو احد الاساسيات التي قامت عليها الحضارة الاسلامية والتي بدورها كان لها الفضل على الحضارة الحديثة وكان من المصادفات التي واجهته اثناء بحثه انه قرأ الآية الكريمة قال الله تعالى "وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون *ماأريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون* ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين " فقال هذا الباحث :من هذه الآية عرفت ان الهدف لوجودي في هذه الحياة هي عبادة الله وان الحقيقية من غاية وجودنا هو توحيد الله بربوبيته وألوهيته وإفراده بالعبادة وليس المال او الانتاج او التناسل او ممارسة الطقوس. فالاسلام جعل كل هذه الأشياء التي هي تعتبر أهدافا عند الاخرين هي وسيلة من اجل تحقيق عبادة الله سبحانه وتعالى ونيل رضاه ،فكان اخر خاتمة هذا الباحث انه اسلم واهتدى الى الحقيقة التي كان يسعى في البحث عنها.
تعليقات