العفر ..سلاطين القرن الإفريقي .

القومية العفرية هي ثالث قومية تمتلك اراضي شاسعة في اثيوبيا والتي تعيش فيها كل القوميات والقبائل جنبا الى جنب وتتعايش في سلام ووئام  ..ارض تحمل في باطنها كنوزا تاريخية وثروة طبيعية هائلة ..شعب رحالة وبسيط في عيشه ولكنه كريم ومضياف ولا أظن أنني قابلت في اثيوبيا قوما مثلهم في الكرم الذي يشبه كرم العرب في الجزيرة العربية..لغتهم العفرية تعتبر من اللغات الكوشية المنتشرة في ثلاث دول في القرن الإفريقي لها عبقها الخاص في النطق وتكثر فيها المفردات العربية فيها.. اما تاريخيا فالعفر  كان لهم دور ملموس ومهم وثقيل في المنطقة  من خلال نشر الاسلام والدعوة اليه والمساهمة في التجارة بين  الجزيرة العربية  والهند والحبشة والنوبة ولهم بحارة مشهورين وصلوا إلى الهند وجلبوا معهم بضائع كان يتم بيعها في زيلع ومنها مدينة هرر التاريخية وفي عصب وسواكن  و لكن تم تهميش هذا الدور للشعب العفري  وبل سرقته ونسبته الى قومية اخرى(معروفة) من غير برهان ولا دليل ..فسلطنة عدال  هي سلطنة عفرية وتميزت هذه السلطنة بأنها وحدت فيها كل القبائل والقوميات المسلمة التي تعيش على ارض الحبشة ..ومدينة زيلع كانت مدينة عفرية وتحت إدارتهم وكل الوثائق الفرنسية والعثمانية تؤكد ذلك  وهذا ليس بشيء جديد ولا مستغرب. وللقومية العفرية سلطنات كثيرة (سلطنة اوسا , سلطنة ببدو والتي من احد أبناء سلاطينها المناضل الكبير/ احمد محمد احو, سلطنة رحيتا , سلطنة قوبعد , سلطنة تجورا ) في ثلاثة دول إثيوبيا , إرتريا و جيبوتي .
إن دولة جيبوتي قبل الإستقلال والتي كانت تسمى بلاد العفر والعيسى كانت السلطة والحكم فيها للعفريين باعتبار انهم امتداد للسواحل التي تعيش فيها القومية العفرية.. أبخ وتاجوراء وهي مدن تاريخية قديمة ذكرها المؤرخون العرب والغربين في رحلاتهم البحرية  قبل انشاء مدينة جيبوتي  وسكة الحديد الإثيوبية الجيبوتية التي كانت نتيجة التعاون بين الاستعمار الفرنسي  والإمبراطورية الإثيوبية  ..والذي يقرأ تاريخ السلطنة العثمانية من الكتب التركية يجد أن السلاطين العفر كانوا يوالون السلطنة  العثمانية وكانت بينهم مراسلات إضافة الى  دورهم في منع الغزاة البرتغاليين  من احتلال الموانئ على سواحل البحر الاحمر ..والعفر هم  الوحيدون الذين تشرفوا في الخدمة   بالمناصب الإدارية العليا في السلطنة العثمانية ومشهورة هذه العائلات اليوم بألقابها العثمانية  في جمهورية جيبوتي ..حتى مدينة هرر ودريدواى كان يوجد فيها سكان عفريين لكنهم هاجروها وبعضهم اختلط وانصهر مع القوميات الأخرى..التهميش لديه أسبابه المتعلقة بالنظام العالمي الجديد الذي أقيم بعد الحرب العالمية الاولى، وهذا النظام  يريد محوا كل الحقائق تاريخية التي تتعلق بالعثمانيين وكل ما يختص بالسلطنة العثمانية وتهميش موانئها التجارية التي كانت مشهورة بنشاطها وكثرت مساجدها مثل ميناء زيلع وميناء سواكن ..العفر لديهم تاريخ عظيم لكنه غير مذكور  ولكن المؤرخين الاثيوبين دائما ما يبرزون السلطنة العفرية كقوة اسلامية ولخوف الإمبراطورية الإثيوبية منهم ومن تمددها عقدت مع سلطلنها اتفاقيات ابرمت بين الامبراطور والسلطان العفري وكانت تحمل مكيدة ومكرا ساهم في إضعاف السلطنة  وخصوصاً بعد سقوط الدولة العثمانية وهيمنة الإمبراطورية الإثيوبية على كثير من الأراضي .. وفي التاريخ الحديث  لإثيوبيا وتحديدا في العاصمة أديس أبابا يوجد مسجد السلطان علي مرح رحمه الله  وهو أشهر سلطان مسلم في العاصمة أديس أبابا  فالسلطان  علي مرح العفري  كانت له ايادي بيضاء على المسلمين في إثيوبيا في اراضيه وفي العاصمة وله دور في نشر الدعوة وخدمة المجتمع  وبل وصلت اياديه البيضاء إلى خارج المنطقة  وتقديمه المساعدة لاخوانه العرب إبان حرب أكتوبر مع الكيان الصهيوني  أو قبلها عندما كان يأخذ الزكاة إلى الحجاز  ويوزعها على الفقراء والمساكين  وهي كانت عادة سلاطين المسلمين في الحبشة  .. كان السلطان علي مرح رحمه الله شديد الحب للعلم و العلماء ولا يخلو مجلسه من عالم مما دفعه إلى إقامة مصاهرات مع الرموز و الزعامات الدينية في إرتريا , فقد تزوج السلطان بنت الشيخ الجليل / جمال الدين إبراهيم خليل رحمه الله ومن ثمار تلك المصاهرة المباركة الأخ/ عمر علي مرح و أخواته , كما زوج السلطان ابنه محمد رحمه الله كبرى بنات سماحة مفتي الديار الإرترية السابق الشيخ / إبراهيم مختار رحمه الله ومن ثمار تلك المصاهرة الميمونة أحفاد للسلطان و المفتي جعلهم الله جميعا خير خلف لخير سلف .
العفر قوم عرفتهم عن قرب وعايشتهم ولزمتهم أيام دراستي حتى في السودان كنت أحضر فعاليتهم  وانشطتهم الطلابية وتربطني بهم علاقة أخوة وصداقة ومعرفة مازالت إلى يومنا هذا مستمرة فهم لا ينسون من عاشرهم ،وعاش بينهم ..وخصوصا أن  الوالد رحمه الله  الذي تعلم عليه الكثير من الطلاب العفر المتميزين  في المعهد السعودي في جيبوتي فقد كانوا يحبونه ويجلونه ..وهو كان يحبهم رحمه الله وهذه شهادة مني أنني أحبهم أيضا  .

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا