البترول بين اليوان الصيني والدولار الأمريكي أيهما سيكسب ثقة الأسواق العالمية

 
الصراع بين عملة اليوان والدولار الأمريكي في الأسواق المالية الدولية ليس بالجديد من نوعه حيث سبقتها عدة محاولات لعملات وبدائل عديدة أهمها كان الذهب حيث أن الكثير من الحكام والزعماء خصوصا في الشرق الأوسط وأفريقيا 
فكروا في ذلك ولكن كان مصيرهم مأساوي  ومنهم الزعيم العراقي صدام حسين الذي فكر في التعامل وتسعير البترول بالذهب بدلا من الدولار وأيضا الزعيم الليبي معمر القذافي الذي هو أيضا بدوره سعي وخطط لإنشاء عملة من الذهب تكون بديلا عن الدولار الأمريكي وعملة موحدة للاتحاد الإفريقي..وغيرهم الكثير وانتهى بهم المطاف بشكل مأساوي ..
اليوان الصين بعد اعتماده من صندوق النقد الدولي واعتباره عملة صعبة دولية قابلة للتداول  بها عالميا في البيع والشراء اكسب الصين  مميزت مهم وصارت الصين تملك قرارها الاقتصادي من خلال اعتماد عملتها  والتقليل من تعاملها  بالدولار الامريكي ومن هنا دخلت الصين عصرا جديدا في تاريخها الحديث .
لفهم مسألة( البترودولار) يجب على أية دولة ترغب في شراء البترول  الحصول أولًا على الدولار الأمريكي  من خلال القروض من جهات تمويله مثل صندوق النقد الدولي  أو الحصول على معونة او دعم اقتصادي من دول غنية أو من خلال إيراداتها من التصدير والتجارة مع الدول الأخرى ،وبعدها تستطيع الدولة شراء البترول بعملة الدولار فقط .. وهذا يؤدي الى خلق طلب  كبير على عملة الدولار في الأسواق الدولية.. وبالتالي يصبح للدولار الأمريك  دورًا مهمًا في توليد الثقة العالمية بالدولار خصوصا في أسواق العملات، والثقة هي ملك الأسواق .
ظهور اليوان وتخطيط الصين باعتماده كعملة لتجارة البترول تعتبر خطوة جريئة  قد تؤدي إلى تغيرات هائلة في لعبة النفط العالمية، فقريبا ستكشف بورصة شنغهاي الدولية للطاقة  عن عقد نفطي مستقبلي مقوّم باليوان الصيني، بدلًا عن الدولار الأمريكي (رمز المنتج: SC) ويحذر الخبراء من أن النفوذ المتنامي للعملة الصينية في الأسواق المالية الدولية قد يؤدي إلى تآكل دور الدولار الأمريكي كعملة صعبة ، وهو اتجاه اقتصادي طويل الأجل من شأنه أن يزعج واشنطن.
فالمعيار الجديد باليوان الصيني مهم جدًا للصين الشعبية  لأنه يتحدى بشكل مباشر خطة التسعير التي يهيمن عليها الدولار في أسواق النفط الخام و(المعروفة باسم نظام البترودولار ) والتي تساعد على تعزيز وضع الدولار كعملة احتياطية دولية.. ويعود تاريخ اعتماد البترول مقابل الدولا إلى عام 1974م عندما وافقت المملكة العربية السعودية وموردو النفط الإقليمين  على قبول الدولار الأمريكي كعملة حصرية  لبيع وشراء النفط، مقابل حماية ومساعدات ومعدات عسكرية أمريكية وربما الأهم من ذلك استثمار عائدات النفط في سندات الخزانة الأمريكية.
التسعير والتداول  للنفط الخام باليوان،سيهز  الثقة العالمية بالدولار  وسيخدم في نفس الوقت عددًا من الأغراض الاستراتيجية للجمهوريةالصين الشعبية التي لطالما سعت  إلى تدويل عملتها اليوان لتعزيز قوتها الاقتصادية وخفض اعتمادها على الدولار الأمريكي خصوصا أن الصين تعتبر أكبر مستورد للنفط الخام في العالم والمصدر الرئيسي لرأس المال الاستثماري العالمي.. فإن الصين ستستفيد بشكل طبيعي من استخدام عملتها الخاصة بها على حساب منافسيها.
الحزب الشيوعي الصيني يعلم بأن العملة القوية هي سيف ذو حدين بالنسبة لأكبر اقتصاد قائم على التصدير في العالم وفي الواقع تم اتهام الصين من قبل دول كثيرة في المجتمع الدولي – بما في ذلك الرئيس ترامب – بأنها تتلاعب بعملة اليوان  وهي السياسة الاقتصادية الخاصة بتخفيض قيمة اليوان للحصول على ميزات تجارية وميزة نسبية في ميزان التجارة الدولية .
فهل سيشكل معيار تقيم عملة اليوان الصينية للاسعار البترول تهديدًا حقيقيًا لهيمنة البترودولار؟
أعتقد ان  الدولار  لن يتخلى عن هيمنته بسهولة  في أسواق النفط الدولية لفترة طويلة جدا ، خصوصاً في ظل وصول إنتاج النفط الخام الأمريكي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق ،وحتى إن قررت السعودية أكبر مصدر للبترول في العالم التعامل في تجارة البترول باليوان الصيني فلن يكون كافيًا لإفلاس البترودولار.
إن  نظام الاقتصادي  لبكين والتي تعتمد على  تدخل الدولة في السوق والقيود الصارمة على حركة  رأس المال والقيود السياسية والاجتماعية في جمهورية الصين  يجعل من عملة اليوان خيارًا أقل جاذبية من العملة الخضراء الأمريكية خصوصاً لدي منتجي  البترول الدوليين... وبدلًا عن ذلك فمن المرجح أن تبني الصين الثقة في اليوان تدريجيًا وعبر مراحل قد تأخذ وقتا طويلا حتى يتم اعتمادها كعملة بديلة عن الدولار الأمريكي في تجارة الذهب الأسود .

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا