اثيوبيا على مفترق التاريخ ..الثورة دائما تنتصر.

إثيوبيا كبيرة وتكفي وتسع الجميع،وكبيرة بشعبها وتاريخها العريق ، فالأمة التي تملك تاريخا لديها الحافز الذي يجعلها أن تعيد وتكتب تاريخها من جديد  ..فقط هذه الأمة  تحتاج إلى قيادة رشيدة ليقودها القائد نحو النهضة وليصنع  الشعب تاريخه ويعيش في رخاء واستقرار وسلام ..
لقد كان الفقر والعوز والظلم الاجتماعي والسياسي والطبقي الذي مورس عبر سنين طويلة على الكثير من الإثيوبيين سببا رئيسيا على الهجرة الى الخارج  سواء بالطرق الشريعية والغير شرعية ،والعمل في مجالات مختلفة سواء القانونية أو الغير قانونية واشتهر الإثيوبيون في الخارج وخصوصًا  بين دول الجوار والعربية بتجارة البشر والدعارة والترويج للخمور والمخدرات .. بينما عكس ذلك تمام يشتهر المغتربون الاثيوبيون في العالم الغربي وفي أمريكا  تحديدا بالشعب المتحضر والمنظم والعملي  والمنفتح على الآخر... تناقض الصورة هذه كان بسبب النظام الاجتماعي القائم على تفوق طرف على طرف آخر وأنه صاحب الاحقية في الحكم والسيادة  بالإضافة  الى ضعف الروابط الأسرية والروابط الأخلاقية بين أبناء الملة الواحدة وبين الشعوب والقوميات والتي رسختها  الأنظمة القمعية السابقة والتي كانت قد قسمت الشعوب إلى اسياد وعبيد بغرض السيطرة والتحكم في مقدرات البلاد.
الشعب الاثيوبي عان من الاستبداد والفساد والقهر والطغيان من أيام تأسيس الإمبراطورية الإثيوبية القائمة على عرقية ودين واحد ..ففي حقبة الإمبراطورية تم قمع  وقتل الآلاف وفرض لغة وعادات ودين موحد لتأسيس الإمبراطورية المسيحية العظمى وتهميش الأطراف الأخرى وبل اخفاءهم تمام من خارطة الإجتماعية .. وتحولت بعض المساجد إلى كنائس وعاش الناس عبيدا في بلادهم وأصاب البلاد مجاعة وأدخلتها التاريخ بهذه الوصمة بينما الامبراطور وحاشيته يعشون البذخ والترف على حساب شعبهم ..البعض هاجر فرارا بدينه وعرضه وبدنه..فهل هذا يعتبر تاريخ ناصع البياض ليفتخر به البعض؟!
صحيح أنه كانت حقبة نهضوية لبلد إفريقي مستقل وله دور كبير في دعم الأفارقة للاستقلال و بناء المشاريع العملاقة وتأسيس للدولة المدنية فهذه حقائق لا يمكن محوها من تاريخ هذا البلد .
وبسبب الظلم والقهر قامت الثورة واسقطت النظام الإمبراطوري لتأسيس الدولة الجمهورية الديمقراطية والتي سعت إلى ترسيخ مفهوم الشعب وصوت المقهور  لكن حقبة النظام الشيوعي الأحمر كانت  السنوات الاولى مفعمة بالامل لكن فيما بعد صار المتحدث باسم الشعب والوطنية وحشا يأكل الاخضر واليابس ويعزز سلطاته من خلال التهم التي ترمى جزافا والقتل مباح على البريء  والمتهم ولأتفه الأسباب والكثير تم اعتقاله وتصفيته..وانفقت الملايين في شراء السلاح وتعزيز قوة الجيش والعسكر  والعمل على راحتهم وانفقت الميزانية الدولة من أجل الجيش وتغذية الحروب التي يخوضها الجيش  ..ومات مئات الآلاف جوعا وخاض البلاد حربا أهلية شاملة فكانت ثورة شعبية ضد النظام الدموي أدت إلى سقوطه مثلما أسقطوا الإمبراطورية ..وجاءت الثورة الشعبية والتي تحمل معها روح الشباب والطوق إلى الحرية واسقطت الظلم والقهر ووعدت ببناء دولة ديمقراطية فيدرالية حرة فامت الجبهة الديمقراطية الشعبية نظاما فدراليا قائم على تقسيم البلاد بين القوميات والشعوب الاثيوبية وصاغت الدستور  الفيدرالي والتي كانت صناعة تاريخية من خلال تعزيز الحكم الذاتي  وإبراز القوميات والشعوب الإثيوبية كأمة لها حقوقها وحريتها واعتماد لغاتهم في التعليم وممارسته في حياتهم اليومية وبناء العديد من المشاريع الحيوية رغم ذلك كانت الدولة العميقة السابقة لها دورها في فرض بعض من انحرافتها على النظام الجديد من خلال الاغراءات ووسوستهم باستخدام السلطة في تحقيق وإشباع انانية بعض المنحرفين وكانت النتيجة بعد وفاة الراحل ملس زيناوي  تحكم الحزب ببعض الزمرة الغوائية وعملت على ترسيخ الفساد وإقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة والثروة وإثارة الخلاف بين الشعوب الإثيوبية واستخدم المكافيلية في تعزيز سلطاتهم وكانت هذه علامة السقوط وقيام ثورة شعبية عليهم وفعلا حصلت ثورة شبابية سلمية والتي كانت قد وصلت إلى مرحلة حصولها على تأييد ودعم الكثير من المواطنين الذين تعاونوا في دعم المسيرة حتى إسقاط النظام  ...لكن حكمة القيادة الحاكمة وبسبب وجود أصوات شبابية ثورية من داخل أعضاء الحزب الحاكم والذين شعروا بخطر السياسات التي يمارسها بعض القيادات والتي تراجعت في مواقفها بضغط الشارع وأعضاء الحزب وبسبب العقوبات والتنديدات التي بدأت توجه ضد السياسات التي تمارسها الحكومة  فقد كانت هذه كفيلة بإعادة المياها إلى مجراها الطبيعي فجاءت استقالة رئيس وزراء هيل مريام دسالين من منصبه  واختيار رئيس وزراء جديد الدكتور ابيي احمد لم يكن سهلا وصوله إلى هذا المنصب  بل كان عسيرا جدا كادت أن تنفطر بسببه عقدة الحزب الحاكم ..وانتصرت بعدها إرادة الوحدة والوطنية .. الدكتور أبيي أحمد المحبوب شعبيا قام بقلب التاريخ رأسا على عقب وألغى الممارسات والسياسات القديمة وأعطى الأولوية لشعبه ووطنه وتأسيس لعهد جديد.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا