القانون لا يحمي من لا يعرف القانون

من يعرف قواعد وأسرار اللعبة يتحكم فيها ،ويتلاعب فيها كيفما شاء ويضع الحواجز والمعوقات امام منافسيه بكل سهولة ويسر ،وهذا لأنه المسيطر على اللعبة ، يمكن قياس قواعد اللعبة العادية التي تنظم اللعب بين المتنافسين على القانون في الدولة بإعتبار قواعده تنظم حياة الأفراد والمجتمع ومؤسساتها في أي دولة عصرية وحديثة،وبناء عليه  سنخوض في لحمة بسيطة عن لعبة الكبار أو كما يسميه البعض لعبة المسيطرون.
يعتبر البرلمان هو مصدر التشريعات القانونية والمقرر في إصداره وصياغته ،وهذه القوانين يصدق عليها بتصويت الأغلبية ، فأي حزب يملك الأغلبية  له الحق في التحكم و تميع أو حتى إلغاء القانون وإن كانت فيه مصلحة عامة اذا كانت هذه القوانين تتعارض مع المصالح الخاصة بالحزب أو الطائفة أو الفئة النافذة على النواب،  وأيضا استغلال الحصانة البرلمانية في حماية أنفسهم وأبعادها عن الشبهات ومن هنا تأتي لعبة المسيطرين من رجال المال و السياسية  في اللعب على حبال القانون وتغير بعض تشريعاته إضافة أو حذفا  حماية لمصالحهم من خلال مظلته التشريعية..
معرفة القانون واتباع القانون يعتبر عامل مهم في نجاح أي مؤسسة أو شركة تعمل في أي دولة لذلك تجد كبرى الشركات الدولية توظف كبريات شركات المحاماة وتدفع لها مبالغ طائلة لتحمي نفسها ولتدافع عن مصالحها ولكي تستشيرهم في خطواتهم العملية قد يكون الأمر  ظاهريا عادي لكنه في العمق خطير ،فكثير من هذه الشركات تعمل خارج القانون وتحقق مكاسب عالية بذلك وهي غالبا تستغل ضعف القانونين التي فيها ثغرات والمحامون دائما يستخدمون هذه الثغرات في إيجاد طرق  لتبرئة موكليهم ،وهذه الثغرات موجودة حتى في القانون الأمريكي والذي يعتبر نموذجا للدولة التي يحكمها القانون بشكل صارم .
الذي يقوم على تطبيق القانون على أرض الواقع هم السلطة التنفيذية و رجال الشرطة وأجهزة الأمن العام وهم المسؤلون عن أي انحراف ومخالفة  تحدث في المجتمع ما ،وتطبيق القانون يعتبر من أكثر المهن حساسية، فقد يستغلها الجهاز كأداة قمع وسلطة وابتزاز أو قد يستغلها في الكسب الغير مشروع، ولذلك تجد أغلب الجرائم الكبيرة والمعقدة في تفاصيلها والغامضة أو التي تقفل ملفاتها دون إكمال.. إلى وجود  دور لجهة سيادية عالي في القضية ووجود أيدي خفية من أجهزة الأمن لها دور في الجريمة ..واللعبة هنا يتم التحكم بها من قبل  السلطة وبمجرد سقوط النظام تنكشف كثير من الأوراق الإنتهاكات التي مارسها رجال السلطة ،لذلك تجد كثير من الزعماء في العالم الثالث متمسكين بالسلطة حتى الموت ولا يرغبون بتسليمها لأي أحد كي  لا يتم محاكمتهم على جرائم ارتكبوها سواء جنائية او مالية او استخبارتية لو تم تسليم السلطة إلى غيرهم  ..والربيع العربي أو الخريف العربي كما يسميه البعض ومن خلال الأحداث والامور التي كشفت حينها لأسرار وخبايا الانظمة وقيادتها التي سقطت فهذا أقرب مثال لذلك.
في أي خدمة أو منتج وحتى التطبيقات والبرامج الإلكترونية، أو حتى في مجال عقود العمل والتوظيف هناك شروط وأحكام واغلبنا لا يقرأها ويتجاوزها طمعا في الخدمة أو المنتج والعمل .. بينما الشركة المقدمة للخدمة قد تستخدم ذلك في صالحها وتقدم مصالحها على مصلحتك وبل ربما توجد أحكام وشروط تنتهك خصوصيتك وقد تستغلك .
بينما العكس يحصل في الدول الغربية المتقدمة فالقانون هو قانون والكل ملتزم به وهم يقرؤون ويتابعون  هذه الأحكام والشروط والسياسات التي تقدمها لهم هذه الشركات وبما أن حكومتهم تهتم بهم وتراعي مصالحهم فهم ليسوا قلقين على مستقبلهم ولا على مستقبل أبناءهم (مطمئنين) ..
فإذا تم انتهاك حق من حقوقهم فإنهم يرفعون دعاوى قضائية ضد هذه الشركات ويطالبوا بتعويضات مادية على ذلك ..
بينما العكس في بلداننا فأننا لا نبالي حتى في حقوقنا لأننا محرومين ومستقبلنا (غامض) فلذلك تستغل بعض الشركات والجهات هذا الحرمان في تحقيق أهدافها  ، والجهل  هو العامل المساعد لهذا الإستغلال بعكس الوعي الذي يمنع حصول هذا الإستغلال ..
ومن أنواع الإستغلال والحيل التي تكشف لنا لعبة من لعب الكبار هو حيل التهريب  والتب تستخدمها عصابات التهريب من أجل الالتفاف على القانون  حماية لأنفسهم من رجال الشرطة والأمن وحتى لا يقبض عليهم متلبسين في جريمة التهريب وخصوصًا تهريب المواد المنوعة ، فهم يستغلون الابرياء كوسطاء لتمرير المواد المهربة إلى عملائهم  عبر مسافرين أبرياء وغالبا ما يستغلون كبار السن أو رجال الدين والنساء وتحديدا  حديثي العهد بالسفر أوالطلاب..الخ ذلك أن  مظهرهم  لا يثير الشكوك ويمرون بدون تكثيف التفتيش عليهم من قبل أمن المطار  وقد وصل ببعض المهربين  إستغلال حجاج بيت الله الحرام  في تهريب مواد ممنوعة مثل المخدرات والتي تعتبر عقوبتها في المملكة العربية السعودية هي الإعدام ..
وكم سمعنا من ضحايا وقعوا  ضحية إستغلال هذه العصابات ونقلوا بضائع لا يعرفون محتواها  ،فأما أن يمروا سالمين ويكتشفوا الأمر بعد ذلك،  أو يتم القبض عليهم  ومحاكمتهم وفي النهاية يحكم عليه بتهمة التهريب لمواد الممنوعة وطبعا القاضي يحكم بناء على الأدلة، لا على النوايا ،والغيبيات.. فالقانون لا يحمي المغفلين ..


تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا