تراجع الدور الأمريكي عالميا

 
لقد كان فوز الرئيس الأمريكي  دونلد ترامب بانتخابه رئيسًا لأمريكا مفاجأة لكثير من المحللين  وحطم فوزه كل التوقعات المنطقية في انتصاره أمام منافسته هيلاري كلينتون ،فالرجل يحمل تاريخا باهرا كرجل اعمال بينما متناقضا جدا مع القيم الأمريكية   مثل  العنصرية والتحرش والتزوير والخداع،  بل يعتبر الكثير من المحللين  السياسين أن فوز ترامب كان اختراقا استخبارتيا كان يستهدف تحطيم مخططات النخبة الأمريكية والمتمثلة في الدولة العميقة و التي تقود دفة الحكم في أمريكا وحلف الناتو، والتي كانت تستفز روسيا والصين لحرب عالمية ثالثة تفضي حسب مخططهم إلى اقصاء الأعداء، والسيطرة على العالم، وإقامة حكومة واحدة تدير شؤون الأرض! ومن الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد دفع بكل ثقله الاستخباراتي لانتخاب ترامب لتعطيل إقامة هذا النظام العالمي الجديد،فمن كان يتخيل في يوم من الأيام أن تخرج أمريكا من دورها كشرطي العالم وتتخل عن هذا الدور لدولة أخرى منافسة لها وهو ماكان يتمناه الكثير ممن عانوا من السياسات الأمريكية  .
الرئيس الأمريكي ترامب اليوم يمارس في إدارته سياسية مزاجية شخصية تقوم على المصالح الآنية لشخصه والتي يربطها دائما بأنها في صالح أمريكا التي يرغب أن تكون  عظمى من خلال المال فقط ،وهو ما يتعارض ويتضارب مع المصالح الاستراتيجية لدولة العميقة في أمريكا والتي كانت تسعى لقيام النظام العالمي الجديد  فسياسته وقرارته  لا تنم على أن صاحبها عاقل أو راشد او قائد عظيم يقود أمة وبلد عظيم فهو يغرد او يقول الكلمة ثم يتراجع عنها في دقائق ،فكما يقول الصومالين في مثل هذه السياسات (سياسة بائع مشتري)أي أنها  سياسية تجارية سوقية بحته .
فكمية المسؤوليين المستقلين من إدارته يعتبر الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وسط تراجع في نفوذ أمريكا دوليا  .. فالرئيس ترامب يسحب جنوده من كل أنحاء العالم ويطلب من حلفاءه أن يدفعوا لأمريكا مقابل حمايتهم ، وقضية مقتل الصحفي السعودي  جمال خاشقجي في تركيا في قنصلية بلاده سببت له صداعا في تبريرته وتناقض تصريحاته ، بينما موقف البرلمان  ومجلس الشيوخ كان أكثر صرامة في التعامل مع هذه القضية ،حتى أن الواحد يحتار في موقف الرئيس الأمريكي المتناقض  فهل هو  مجنون أو غبي؟! فهو لا يقبل سوا ما يراه هو صحيحا فقط وحسب مصالحه، فها هو  يتنازل لتركيا في إدارة الملف السوري ويتنازل لروسيا في إدارة المشهد السياسي عالميا وقريبا إيران ستتفاوض مع أمريكا في رفع العقوبات عنها مقابل مئات المليارات في الخزينة الامريكية  ..ترامب يدير أمريكا كرجل أعمال وليس كقائد سياسي  مثله مثل المدير التنفيذي لأي شركة ربحية تبحث عن الأرباح فقط وبعقلية المال والأعمال بينما حقيقية  أمريكا هي أكبر من ذلك بكثير. 
لكن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا هل تراجع دور أمريكا دوليا نافع بالنسبة لشعوب ودول العالم الثالث أم أنه ضار مقابل السياسية الروسية أو الصينية الشمولية ؟!
اعتقد أن التجربة والزمن كفيلان بالإجابة على ذلك .

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا