منتجات الحلال والتنافس عليها في الأسواق الدولية.

توسعت أسواق  منتجات الحلال (أي المنتجات التي تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية) توسعًا ملحوظًا خلال السنوات القليلة الماضية في كثير من دول العالم، سواء على مستوى المنتجات الغذائية، أو السياحة، أو مستحضرات التجميل، وكذلك الصحة والقطاع المالي والبنوك  والطاقة، وهذه الأسواق غير قاصرة على الدول العربية والإسلامية فقط، بل  الكثير من الشركات العاملة في مجال منتجات الحلال تزاول أنشطتها في دول أوروبية.
يبلغ حجم سوق منتجات الحلال في العالم  حاليًا نحو 4 تريليونات دولار أمريكي في أحدث تقرير ، بينما يوجد نحو 400 مؤسسة حول العالم تمنح شهادات (حلال)، وهذا ما كشف عنه  معرض المنتجات الحلال المقام في تركيا والتي توضح مدى توسع هذه السوق في كثير مما من دول العالم؛ إذ بلغت عدد الدول  المشاركة في المعرض إلى  70 دولة وهذا يعني  وصول هذا النوع من المنتجات إلى هذه الدول التي من بينها دول غير إسلامية ، وسط توقعات للخبراء بزيادة العدد في المستقبل القريب، ففي العام الماضي كان عدد الدول التي شاركت في المعرض التركي نحو 57 بلدًا فقط، وهذا يعني أن المعرض في عام2018 انضم في المشاركة 13 دولة إلى سوق المنتجات الحلال .
ويظهر من التقرير  أن منظمة التعاون الإسلامي لا تسيطر إلا على 20% من هذه السوق، بينما تسيطر الدول غير الإسلامية على 80% من السوق، إذ إن كثيرًا من الدول الرائدة في هذا المجال من خارج المنظمة، وأبرزها: النمسا، سريلانكا، كوسوفو، فرنسا، بريطانيا، هولندا، إسبانيا، الهند، كوريا الجنوبية، غانا، بنجلاديش، الكاميرون، كرواتيا، تايلاند، روسيا، سيراليون.
وبحسب توقعات منظمة التعاون الإسلامي، فإن حجم سوق المنتجات الحلال العالمية سيصل إلى 6.4 تريليون دولار في 2019، بعد أن بلغ نحو 3.7 تريليون دولار في 2012،  وإن قطاع أغذية الحلال تمتلك فرص و إمكانات تزيد على تريليون دولار في العالم.
حققت دولة  ماليزيا نموًا كبيرًا في ما يخص البنوك الإسلامية و التمويل الإسلامي، فهي من أكثر الدول التي منحت مواطنيها قروضًا متوافقة مع الشريعة الإسلامية في عام 2017، إذ إن التمويل الإسلامي هناك يعتبر المحرك الرئيسي لنمو النظام المصرفي المحلي منافسة بذلك إمارة دبي التي تعتبر هي مركز البنوك الإسلامية والتمويل الإسلامي على مستوى العالم .
الكثير من الدول تتنافس في هذا المجال بشكل متسارع وتحاول أن تستحوذ على كثير من الفرص وتستقطب الاستثمار في هذا المجال، فدول مثل البرازيل وأستراليا وماليزيا وبريطانيا تتصدر أسواق الأغذية الحلال العالمية، بينما حصة تركيا في هذا المجال ضعيف جدا، وتسعى ماليزيا على سبيل المثال إلى مضاعفة صادراتها من المنتجات الحلال، وتدعو المصنّعين المحليين للاستفادة من الفرص الكبيرة التي لم تُستغل في صناعة الحلال الماليزية، بالإضافة إلى الاستفادة من ميزتها النسبية في الانتاج الكبير من زيت النخيل على مستوى العالم، وهي مادة يمكن استخدامها في المنتجات الحلال على نطاق واسع.
تتميز القارة الإفريقية عن بقية القارات بتنوعها الجغرافي، وتعددها الثقافي والاجتماعي، ووفرة مواردها الطبيعية (الاقتصادية)، إذ تبلغ مساحتها 30 مليون كيلومتر مربع، موزعة بين 54 دولة، بكثافة سكانية تصل إلى قرابة البليون نسمة وتعتبر معظم أسواق القارة الإفريقية أسواقًا ناشئة، شأنها شأن بقية الأسواق الناشئة إذ تتأثر اقتصاداتها بالعوامل الخارجية بدرجة كبيرة  ويقتصر استفادة القارة الإفريقية من منتجات الحلال على قطاع البنوك والصيرفة الإسلامية ، وحسب التقرير الذي أعدته شركة بيتك التابعة لبيت التمويل الكويتي، فإنه يوجد في القارة الإفريقية حوالي 38 مؤسسة مالية ومصرفية إسلامية، وأكد أن القارة تعدّ سوقًا واعدة للمعاملات المالية الإسلامية.
تعتبر دولة السودان الدولة الأفريقية الرائدة في مجال التمويل والصيرفة الإسلامية وبل الرائدة على مستوى العالم العربي والإسلامي وكثير من الدول التي تعتبر الإسلام  دينها الرسمي  لديها  بنوك ومصارف إسلامية وأنظمة وقوانين تنظم هذا القطاع الحيوي فيها  مثل دول شمال أفريقيا بالإضافة إلى  الصومال وجيبوتي  .
اما في الجزء الغربي من إفريقيا نلاحظ تطورًا في الصناعة المالية الإسلامية في أكثر من دولة، كنيجيريا، كوديفوار، والسنيغال وغيرها والتي تلقت استثمارات هائلة في هذا القطاع من دول إسلامية .
في شرق إفريقيا، فقد بادرت كينيا بدخول مجال الصناعة الصيرفة  الإسلامية، وذلك في عام 2008 عندما سمحت الحكومة الكينية للبنك التجاري الكيني بالبدء بالعمليات التشغيلية لبنك الأمانة الإسلامي، كأول بنك إسلامي في كينيا. ثم تأسيس البنك الخليجي الإفريقي، وكينيا لديها الآن اثنان من البنوك الإسلامية،وبعد قيام البنك المركزي الكيني بتعديل قانون البنوك في مايو 2010، ليسمح للمؤسسات المالية الإسلامية ممارسة أنشطتها من أجل تحقيق النمو والازدهار؛  وكذلك الحال في أوغندا، إذ قام البنك المركزي الأوغندي بتعديل الأنظمة المصرفية للسماح بتأسيس بنوك إسلامية في البلاد.
في اثيوبيا على الرغم من أن المسلمين يشكلون أكثر من 50 في المائة حسب بعض الإحصاءات  ، فإن  الخبراء  يؤكدون أن هناك طلباً بنسبة 40 في المائة على الخدمات المصرفية الإسلامية التي تخلو من الفوائد الربوية في إثيوبيا ، ولكن تلك الخدمات المصرفية الموجودة الان في بعض البنوك  لا تلبي هذا الطلب ولا تغطي حجم السوق وهناك طلب كبير في البلاد للحصول على معاملات بدون فوائد ، والتي لم تتم معالجتها بشكل مناسب حتى الآن".
بالاضافة ان إثيوبيا ليست عضوا في البنك الإسلامي للتنمية ، وبالتالي فهذا يفوت عليها إلى الاستفادة من الكم الهائل من الأموال المتجددة التي يخصها البنك الإسلامي للتنمية  للاستثمارات ومنح القروض للمشروعات التنموية .
وعلى هامش (القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي 2018) التي عقدت في إمارة دبي  لدولة الإمارات  العربية المتحدة بنهاية أكتوبر  الماضي أفاد المشاركون أن ابتكار أدوات ومنتجات إسلامية سهلة الانتشار هو التحدي الأكبر الذي سيواجه قطاع الاقتصاد الإسلامي والمنتجات الحلال في الفترة المقبلة، وأبرز هذه التقنيات الجديدة هو البلوك تشين، إذ إن دخول هذه التقنيات إلى المنتجات الحلال سيزيد من ثقة المتعاملين وإقبالهم على المنتج الحلال.
لكن يبقى حتى الآن تحدي توظيف التقنيات الجديدة لابتكار منتجات إسلامية قادرة على المنافسة في قطاعات مثل البنوك والصناعة والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية، هو التحدي الأبرز وسط قلة الخبرات العاملة في القطاع، والعوائق التي تتعلق بانتشار المنتج المالي الإسلامي.

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا