قصة شركة ناجحة

إنها قصة مثيرة لفت انتباهي عن شركة دولية تصل أرباحها السنوية إلى 400 مليار دولارامريكي، ومنتجاتها التكنولوجية المبتكرة تقريبا موجودة في كل بيت ،ولكن خلفية هذه الشركة العملاقة تبدو غربية لمن يسمعها اول مرة ،لقد كانت بدايات هذه الشركة  كمتجر صغير  في ضواحي مدينة صغيرة لتتحول هذه الشركة الصغيرة بعد ذلك الى أكبر شركة متعددة الجنسيات و عابرة للقارات.
إنها ‏شركةسامسونج (SAMSUNG ) وتعني (النجوم الثـلاثة) أو "سامسونغ " باللغـة الكورية ..يصعب على الكثير أن يصدقوا أن شركة التكنولوجيا العمـلاقة التي تعتبر العمود الاقتصادي والشركة الابرز في دولة كوريا الجنـوبية أنها  بدأت كمتجـر لبيع المعكـرونة والأرز في ضواحي مدينة صغيرة،  وهي حقيقة مثيـرة والتي تعتبر من أبرز أمثـلة لتحوّل الكامل وقبول التغير والتغير الشامل ومواكبة التطور والنمو والتي جاءت عبر رؤية واضحة وتوظيف للكوادر البشرية في البلاد والإهتمام بالابتكار لنتطلق منها إلى صناعة علامة تجارية دولية معروفة على مستوى العالم.
أسس  لي بيونغ تشول Lee Byung-Chull  شركة سامسونج في عام 1938م كمتجر تجاري صغير في مدينة تانجو الكورية  وكانت عبارة عن شركة صغيرة يعمل فيها أربعون موظفًا فقط ..بعد الحرب الكوريّة والتي قسمت البلاد إلى كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية  وسّع “لي” أعماله بالإنتقال إلى قطاع انتاج المنسوجات وفتح أكبر مصنع للمنسوجات في كوريا، وخلال تلك الفترة، استفادت أعماله من سياسات الحماية الجديدة التي اعتمدتها الحكومة الكورية الجنوبية والتي تهدف إلى حماية ودعم المنتجين المحليين و حمايتهم من المنافسة الدولية وتوفير التمويل لهم.
بعدها دخلت شركة سامسونج في صناعة الإلكترونيات وكان ذلك  في عام 1969،
و فتحت العديد من الفروع في أرجاء البلاد  التي تُركّز على صناعة الإلكترونيات ،وكان أول منتجاتها تلفاز يبثّ بالأبيض والأسود، وفي عام 1970، بدأت الشركة بتصدير منتجاتها الإلكترونية المنزلية خارج البلاد، وفي هذا الوقت كانت سامسونج الشركة الرئيسيّة المصنّعة في كوريا وكان لها حصّة 50 بالمئة من إنتاج أنصاف النواقل الكهربائية في كوريا وصلت منتجاتها الى كثير من دول العالم وخصوصا الدول النتمية والفقيرة منذ اواخر السبعينات إلى التسعينات والتي اشتهرت فيها المنتجات الكورية في الشرق الأوسط وأفريقيا  وكانت من أرخص المنتجات ولكنها سريعة الفساد حتى عرفت منتجاتهم  في تلك الفترة بأنها (تقليدة) وليست (اصلية) مقارنة بالمنتجات اليابانية المعمرة.
شهدت الشركة في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات توسعًا سريعًا في مجال أعمالها التقينّة،وقامت الشركة بفتح فروع جديدة  لشركة مثل شركة سامسونج للصناعات الثقيلة والتي أصبحت المزوّد الوحيد والأساسي للغاز الطبيعي المسال، وشركة سامسونج لبناء السفن، وشركة سامسونج التقنية لتجميع وتركيب المكونات الصغيرة. وخلال الفترة نفسها، بدأت الشركة بالاستثمار في الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية الثقيلة مما وفّر للشركة قطاعًا واعدًا بالنمو.
شركة سامسونج اليوم  متخصصة بإنتاج مجموعة واسعة ومتنوّعة من الأجهزة الإلكترونيّة والاستهلاكيّة المنزلية والمتطورة بما في ذلك الأجهزة الكهربائية وأجهزة وسائط الإعلام الرقميّة، وأنصاف النواقل الكهربائية، وشرائح الذواكر الإلكترونية وغيرها …
وقد أصبحت من العلامات التجاريّة الأكثر شهرةً في مجال التكنولوجيا، وتُنتج حوالي خُمس مجموع صادرات كوريا الجنوبيّة.
وفي عام 2012م أصبحت سامسونج للإلكترونيات الشركة العالميّة الرائدة في صناعة الهواتف المحمولة عبر هاتفها المتطور Galaxy  بأنواعه لتتفوّق بذلك على شركة نوكيا التي كانت رائدة في هذا المجال في ذلك الوقت.
واليوم الشركة تحقق أرباحًا بلغت أكثر من 400 مليار  دولار أمريكي ولديها أكثر من 425,000 موظف وعدد كبير من الفروع  في كثير من عواصم العالم أجمع.
إن التحول من الجيد إلى العظيم  لا يتم دفعة واحدة أو نتيجة حدث واحد بل جاء نتيجة أحداث متتابعة وتراكمية لقرارات وخبرات عديدة ولسنوات طويلة  وهذا يحتاج إلى عزم ومثابرة وصبر من قبل القيادات والموظفين في الشركة ،فالشركات التي تحولت مثل شركة سامسونج  لم تسلك النمو بالتفاخر والهوس لشهرة، وإنما سلكته بالشغف للإنجاز والعمل وبالادراك للأهداف ووضع الاستراتيجيات طويلة الأجل.

  

تعليقات

الأكثر رواجا

الإستثمار في أثيوبيا (الاتجاه الصحيح للاستثمار )

تجارة المواشي في أثيوبيا

كيف تدير أمورك المالية؟

البطة السوداء

اثيوبيا التاريخ والحضارة

النجاح ..وأعداءه

استايل الغذاء العصري Teff (التيف)

الاستثمار الزراعي في إثيوبيا

المساجد في العاصمة أديس أبابا معالم وجمال

الشيخ الدكتور : “محمد رشاد ” من علماء أثيوبيا